نصائح صحية أربع في رمضان
يأتي رمضان على الشعب السوري وهو يعاني من ويلات الفقر والغلاء وتبعات الحرب الدائرة، هذه الحال التي جعلت كثيراً من السوريين صائمين حتى قبل رمضان في مخيمات العوز والتي تحمل كثيراً من المآسي كما تحمل كثيراً من الكرامة والشرف.
ولكن لابد من ثقافة صحية نبنيها عبر وعي عام، فشعبنا مهما كان يعاني فإنه لن يُقصر في أخذ أسباب الحياة، فكما لدينا جنود حرية يحبون الموت ذوداً عن المستضعفين، فلدينا شعب يحب الحياة وهو القادر على إعادة إعمار سورية بسبب مايمتلكه من ثقافة لاتنحني للصعاب، لتصنع من التحديات سُلَّماً نحو البناء.
نصائح طبية:
لاشك أن النصائح الطبية في شهر رمضان كثيرة، ولكننا هنا ننظر للواقع السوري وننطلق من معرفتنا به لتقديم بعض الارشادات الصحية التي نراها تُهم شعبنا السوري.
1- يصوم السوريون مايقارب 13 ساعة دون طعام أو شراب، مما يجعل الجسم في حالة استنفار كامل لاستخدام مخزونه من السكر في الجسم، فيكون الصوم أحد أسباب تخفيض مستوى السكر بالدم، لكن البعض عند أول صيحات الأذان يبدؤون إما بسيجارة أو أكل كميات كبيرة دفعة واحدة من الطعام سداً للجوع، ما يجعل الجسم في حالة اختلال توازن صحي، إذاً مالذي يجب فعله؟
مايجب فعله هو تناول الطعام بشكل تدريجي، عبر شرب ماء وعصائر لترطيب الجسم ومساعدة الكليتين على العمل جيداً، مع تمرات قليلة تأسياً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وثم القيام لصلاة المغرب، وحبذا لو نُشر ثقافة الاجتماع على صلاة المغرب بالمساجد لتمتين العلاقات الاجتماعية، ولعلها تكون سبباً في مشاركة الإفطار بشكل جماعي، كل فرد يقدم طبقاً بسيطاً، ثم بعد صلاة المغرب (أي بعد مرور ربع ساعة) تكون المعدة قد استعدت لمرحلة الفطور، وبذلك سيحصل توازن في سكر الدم، ويقلل من الشعور بالجوع والعطش، إضافة إلى أنه سيساعد في عدم الشعور بالجوع بعد الشبع، ويمنع الشعور بالتخمة المُضرة بالكولون، والمؤدية للإمساك.
2- رغم الواقع الاقتصادي المزري، ولكن يجب الاهتمام بنوعية الطعام على الفطور، فليس كل الطعام يفيد الجسم، فالجسد أمانة الله لدينا، ويجب الحفاظ عليه، وبالتالي يجب الاهتمام ولو بالحد الأدنى أن تكون العناصر الغذائية الأسياسية متوفرة على المائدة سواء على السحور أو الفطور، حيث يحسن تقسيم مكوّنات الإفطار إلى ثلث من الخضار والفواكه، وثلث من النشويات (الأرز أو الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة)، وثلث من البروتينات (السمك أو الدجاج أو اللحم الخالي من الدهن ويمكن الاستعاضة عنها بالبقوليات كالفول والحمص، إضافة للبيض والألبان). كذلك، ينبغي تجنّب الطعام الدسم والمقلي والمالح قدر المستطاع، والاكتفاء بكميّة قليلة من الحلويات، وينبغي التذكر بأن الإكثار من الملح يؤدّي إلى العطش خلال الصيام، ولهذا ينبغي التشديد على شرب السوائل بشكل دائم (على الأقل ثمانية أكواب كبيرة) من الماء يومياً، وإن أفضل السوائل هو الماء، فالمشروبات المحلاة تزيد من الغازات في المعدة، وترفع كذلك نسبة سكر الدم بسرعة، ما يتبعه بالضرورة هبوط سريع في السكر يثير الشعور بالجوع خلال فترة قصيرة، كما يحسن هنا ذكر ما قدمته منظمة الصحة العالمية من أمثلة على وجبتي السحور والفطور التي تقترح أن تتناولها الحوامل والمرضعات في رمضان:
ففي وجبة السحور: تنصح بتناول بيضة مسلوقة، أو بيضة مخفوقة مع أنواع الخضراوات، جبنة أو لبنة ويمكن إضافة الزيت والزعتر إليها، قطعتان من الخبز، نوعان من الخضار، شرب الشاي أو الأعشاب، ويجب شرب كمية كافية من الماء.
وجبة الإفطار: تنصح الحوامل بتناول حساء الذي يحتوي على الخضار الطازجة، وليست الجاهزة، صدور دجاج معدة داخل الفرن إن أمكن، ولكن يبقى مهما تناول الخضراوات التي يمكن حشوها مثل ورق العنب والكوسا والباذنجان، الخضراوات أو السلطة الخضراء.
وكما يُفضّل ألا يستلقي الصائم على ظهره وألا يذهب إلى النوم مباشرة بعد الإفطار أو السحور، وذلك لتفادي ارتجاع طعام المعدة إلى المريء وحدوث الحرقة الهضميّة. هذا مهمّ بخاصة للمصابين بفتق حجابي.
3- النوم الكافي في رمضان، وتقسيم الوقت رغم الحالة المعيشية السيئية إلى برنامج يسمح للجسم أن ينام ما يعادل ثمانية ساعات وسطياً، وستة ساعات بالحد الأدنى، وتسع ساعات بالحد الأعلى، ولعل الابتعاد عن التدخين.
4- أخيراً، الاهتمام بالعامل النفسي، فكل السوريين يعيشون ضغوطاً حياتية كبيرة، ضغوط النزوح والحرب والمشاكل المالية والصحية، وغيرها مما لو نزل على جبل لهده، لهذا لا يجب أن تكون النفس البشرية ضعيفة وإلا تعرضت لاكتئاب ودخول في دوامة قد تودي بفقدان الأمل، ولعل الأمر يصل في بعض الحالات للانتحار أو التفكير به، لهذا لايمكن هنا إلا أن نوصي بصناعة النفس القوية، التي تستند إلى حصن متين، وخير حصن هو الإيمان، فمن خلال السلوك الديني واستغلال شهر رمضان للقراءة والتأمل في القرآن الكريم والصلاة والتسبيح نزرع الصلة بالله سبحانه وتعالى، كل ذلك سيُحيي بالنفس ثقتها بأن الأمر كله بيد الله، ولعل أفضل نصيحة هنا هي قول أحد العارفين لما سئل عن كيفية تجنب مايخافه من سِهام القدَر؟ فقال له: كن بجانب الرامي تسلم!.
صوماً متقبلاً، وافطاراً وسحوراً صحياً، وفرجاً لشعبنا وبلدنا.
الطبيب أحمد الآغا.
مكتب الأسرة
تيار المستقبل السوري