الكلمة الرسمية في الذكرى السنوية 13 لـِ الثورة السورية المجيدة
رئيس تيار المستقبل السوري
الدكتور زاهر بعدراني
13 عاماً على وحدة المسار والمصير:
عِقدٌ وثلاث، على مطلب الصّرخة السوريّة الأقدس (حريّة) في عاصمة الخوف، ومعقِل النظام السوريّ البوليسيّ الأمنيّ المرعب
صرخةٌ دوّت من شفاهِ خيرةِ أبناء الشعب، وأكابرِ أهله، فأقضّت مضجع أكابر مجرميه، ممن باعوا ما فيهِ، فأسقطت صنم المستبدِ، وأدمت مُقلة الأسدِ.
حريةٌ لن تكتمل إلا بإسقاط نظام بشار الأسد وكافه رموز حكمه وأركان دولته العميقة، حريةٌ تؤسِّس لبناء دولة الكرامة، دولة المواطنة الحديثة لكل السوريين، حريةٌ تكون مدخلَ تحقيق إنسانية المواطن الإنسان، فلا إنسانية دون إرادة حرة، ولا إرادةَ حرّة دونما حريةٍ كاملةٍ غير منقوصة.
عقدنا العزم في تيار المستقبل السوري على تنفيذ مشروعنا الوطني المدني التحرري، دون النظر إلى فوضى سلطات الأمر الواقع اليوم، ممن استباحوا حُرمة سورية، فلم يحظَوا بتمثيلٍ شعبي، ولا صنعوا بديلاً وطنيّ، مؤمنين بوعي شباب الثورة وحكمة شيبها لحل المشكلات الوطنية العالقة، وتجاوز مرحلة المراوحة في المكان والزمان نحو بلوغ الهدف والغاية المنشودة.
وستبقى تضحيات شعبنا وقوداً يحفّزنا على متابعة المسار والمسير، ضمن جبهة عملٍ وطنيّ لا تتعارض مع خارطتنا المعلنة، وتحملُ المرونة للتقاطع مع رؤى الوطنيين الثقات في الداخل وفي الشتات.
ثلاثة عشرَ عاماً، جعلنا من الاعتدال والوسطية مصلحةً وطنيّةً عليا، ومنهجاً للتَّوفيق بين أطيافِ ومكوِّناتِ الشَّعب، رافضين كافة أشكالِ الإقصاءِ والتَّهميشِ والاستقواءِ على أيٍّ من المكونِّات، متبنّين خطة تحقيق التَّوافقِ بين مختلفِ التيَّاراتِ والأحزابِ والجماعاتِ السوريَّة، بغيةَ بلوغ تغيير الواقع السياسيِّ الحالي، من خلال بناءِ عقدٍ اجتماعيٍّ سوريٍّ وطنيٍّ، تنصهرُ فيهِ ومعه جميعُ المكوِّناتِ، ويظهر فيه التَّنوع الاجتماعي كدليلٍ على وجودَ هويَّةٍ وطنيَّةٍ واحِدَةٍ وموَحِّدَة، وبذلك ندفع بالخصومةِ السياسيَّةِ، لتَّكون باب تعاونٍ بنّاءٍ وتَنافسٍ مُثمرٍ، يضمن بناء قاعدةٍ صلبةٍ بين أبناء البلد الواحد، بغضّ النظر عن اختلاف الثقافات والتقاليد والأعراف، وتنوع القوميات والأديان والمذاهب، فتكونَ ثروةً وطنيّةً من رحمِ الثَّورة، وعاملاً حضاريّاً مميزاً، بعيداً عن محاور العنف، أو الاستقطابات المقيتة والمسيئة.
ثلاثة عشر عاماً نسعى للتركيز على تحرير الوجهة الوطنية، من التبعية السياسية، وحمايتها من الانهيار، ونفرّق بين التعاون المبني على المصالح المشتركة مع الدول والجماعات والكيانات غير السورية، وبين التبعيةِ لها عبر مسح الشخصية الوطنية، أو الانتقال بها من إطار التعاون الندي إلى حالة الخضوع التبعي، فالوصول لأهداف الثورة لا يعني بحالٍ من الأحوال دمارَ الوطن، ولا الارتهان للخارج.
ثلاثة عشر عاماً وجهدنا بناء دولةٍ مدنيةٍ، لا وصايةَ قهريةً عليها من قِبَل أيِّ مجموعةٍ سلطويّة، سواء عسكريّة أو دينيّة أو حتى قومية! تقوم على احترام خصوصية تجربتنا السورية، وتركيبة شعبنا، وثقافته، وتسمو بها الإرادة الشعبية لتكون السيد في الحُكم والإدارة والتصريف، من خلال تفويضٍ شعبيٍّ دونما توجيهِ مُستبد، أو إملاءِ مستفيد.
ثلاثة عشر عاماً ونحن نؤمن بالاختلاف لا الخلاف تحت سقف الوطن، وبالتعددية السياسية لا النُّسخ المكرورة، ونرفض فكرة وجود حزبٍ واحدٍ أو ائتلافٍ قائد (فنحنُ في ثورة)، ونؤمن أن الإجماع الوطني لا يكون إلا في التعاقد الجامع الناظم لكافة القوى السياسية عبر الاتفاق على نظامٍ سياسيٍّ دستوريٍّ وطنيٍّ موحَّدٍ وموحِّد، يحمل تطميناً لجميع القوى السياسية، ألا يتم الانتقام منها مستقبلاً عبر الانقلاب أو التآمر، أو التخوين.
ثلاثة عشر عاماً مضت وخلت لم تثنينا قيد أنملة عن أهداف الثورة الأولى، ونرى، أن العقبات جِسام، والتحديات عِظام، والطريق للأمام، نحو تحقيق المُرام، بإسقاط النظام
ثلاثة عشر عاماً والمجرم معروف، والخائن مكشوف، والجهد مصروف، نحو تجميع الصفوف، وتأليف الألوف، ووضع النقاط على الحروف، رغم الخسوف والكسوف.
ثلاثة عشر عاماً نكتبُ تاريخاً رشيد، بهتافٍ ونشيد: الشعب يريد، ومازلنا نُعيد ونعيد ونعيد، إسقاط الطاغية عنه لا محيد، وصور البسالة والتضحيات والثبات (فهل من مزيد)، نحو مستقبلٍ سعيد، يضمن حساب الفريق واللواء والعميد والعقيد، ويُنهي حُقبة الأسد الجدّ والابن والحفيد، وكلّ من تلطخت أياديهم بدماء شعبنا المجيد.
ثلاثة عشر عاماً والدم مسفوح، وريح المسك منه يفوح، والناس بين هجرة ونزوح، وقاتل الشعب مفضوح، وبائع الوطن مطروح، والتنازل عن الثوابت غير مسموح، وخيار الشعب (إسقاط الأسد) بوضوح.
ثلاثة عشر عاماً والمسيرة مستمرة، والهمة عالية، والعزيمة راسخة، والجموعُ مستنفرة، وإن فرّت من قسورة! تُعيدَ تجميع نفسها بنفسها، وتخلُق عن طريق شبابها وطاقاتها خزّاناً من الإرادة الشعبية الأبية، نحو غايةٍ مَرضيّة، وعيشةٍ هنيّة
فاحذروا المثبّطين، وتجنّبوا المشككين، وانهلوا من معين (عاشت سورية، ويسقط الأسد اللعين).