يتابع تيار المستقبل السوري باهتمام بالغ الإعلان الصادر عن الشركة السورية للبترول بتاريخ 28-12-2025م بشأن بدء حفر أول بئر استكشافية للغاز الطبيعي في منطقة "التواني" بريف دمشق، باستخدام كوادر وطنية ومعدات محلية تم إعادة تأهيلها.
وفي سياق المرحلة الانتقالية التي تعيشها سورية بعد سنوات من الصراع والدمار، يرى تيار المستقبل السوري في هذا الإعلان إشارة إيجابية محتملة نحو تعزيز السيادة الطاقية والاقتصادية، إلا أنه يحمل أيضاً جوانب نقدية تستدعي التحليل الدقيق لضمان استفادة الشعب السوري من ثرواته الطبيعية.
يعبر تيار المستقبل السوري رغم الترحيب بالاعتماد على الكفاءات الوطنية، عن قلقه إزاء غياب آليات الشفافية والرقابة المستقلة في مثل هذه المشاريع، خاصة في ظل تاريخ الفساد والإدارة غير الفعالة الذي شهده قطاع الطاقة السوري خلال العقود الماضية.
كما أن اختيار منطقة ريف دمشق، التي ليست تقليدياً مصدراً رئيسياً للموارد الطاقية، يثير تساؤلات حول جدوى الاستثمار فيها مقارنة بغيرها من المناطق الغنية بالغاز، مثل حوض الفرات، والتي تحتاج إلى إعادة تأهيل سريعة. بالإضافة إلى ذلك، ينتقد تيار المستقبل السوري التوقيت السريع للإعلان، الذي قد يبدو كمحاولة لتقديم نجاحات واقعية دون تقديم دراسات جيولوجية مفصلة أو تقييمات بيئية شاملة، مما قد يؤدي إلى مخاطر صحية وبيئية على السكان المحليين، كما حدث سابقاً في حالات التلوث الناتج عن عمليات استخراج غير مدروسة مثل تلوث الهواء من حراقات النفط في الجزيرة السورية، التي أدت إلى انتشار السرطان.
يؤكد تيار المستقبل السوري على أهمية دمج هذا المشروع ضمن استراتيجية وطنية شاملة للطاقة، تركز على التنويع والاستدامة. كما يجب أن يعتمد الاستكشاف على تقنيات حديثة لتقليل المخاطر، مثل الدراسات الزلزالية ثلاثية الأبعاد والحفر الآمن بيئياً، مع الاستفادة من الخبرات الدولية دون التنازل عن السيادة.
كما يدعو تيار المستقبل السوري إلى ربط إنتاج الغاز بأهداف التحول الأخضر، من خلال تخصيص جزء من العوائد لمشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، لتلبية احتياجات توليد الكهرباء التي تعاني من انقطاعات مزمنة. حيث نرى أنه في المرحلة الانتقالية، يجب أن يكون قطاع الطاقة أداة لتعزيز الوحدة الوطنية، من خلال توزيع عادل للعوائد بين المناطق، مع الالتزام بمبادئ اللامركزية الخدمية التي يدعو إليها التيار، لضمان مشاركة جميع السوريين في التنمية.
يقترح تيار المستقبل السوري مراعاة لظروف المرحلة الانتقالية، التي تشمل إعادة بناء البنية التحتية، ومواجهة علائق العقوبات الدولية، وتعزيز الثقة بين المكونات السورية، التوصيات التالية:
- تشكيل لجنة رقابية مستقلة تضم خبراء محليين ودوليين لمراقبة مراحل الحفر والإنتاج، مع نشر تقارير دورية شفافة للجمهور.
- إجراء تقييم بيئي شامل قبل الاستمرار، بالتعاون مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة، لتجنب التأثير السلبي على المياه الجوفية والزراعة في ريف دمشق.
- تخصيص نسبة من العوائد المحتملة لصناديق التنمية المحلية، مع التركيز على إعادة إعمار المناطق المتضررة من الصراع، ودعم الشباب والنساء في مجالات الطاقة.
- فتح باب الشراكات الدولية المتوازنة، مثل تلك مع دول الخليج أو أوروبا، لتوفير التمويل والتكنولوجيا، شريطة ضمان السيطرة الوطنية على الموارد.
- دمج المشروع في خطة اقتصادية انتقالية تستهدف رفع إنتاج الغاز إلى مستويات ما قبل 2011، مع الالتزام بمعايير الحوكمة الرشيدة لجذب الاستثمارات الأجنبية.
يتطلع تيار المستقبل السوري إلى سورية حرة ومزدهرة، حيث تكون ثرواتها الطبيعية مصدر قوة للجميع، وليس أداة للاستغلال. وندعو إلى بناء دولة موحدة تعددية، تضمن حقوق الجميع وتحقق التنمية المستدامة.
كما نعاهد شعبنا أن نظل ملتزمين بدورنا في دعم الجهود الوطنية الصادقة، مع الدفاع عن مبادئ الشفافية والعدالة، لبناء مستقبل يليق بتضحيات الشعب السوري.