المؤتمر الوطني للإعاقة وتوصيات لتعزيز دمج وتمكين ذوي الإعاقة في سورية

يُعبر تيار المستقبل السوري عن ترحيبه العميق باختتام أعمال المؤتمر الوطني للإعاقة، الذي عقد تحت شعار "التمكين والشمول والدمج" برعاية الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، وبتنظيم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في مركز الفنون البصرية بدمشق على مدار يومين (17-18 كانون الأول 2025). حيث نرى أن هذا المؤتمر يمثل خطوة استراتيجية متقدمة نحو تعزيز الحقوق الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة، في سياق مرحلة انتقالية حاسمة تشهد فيها سورية إعادة بناء مؤسساتها الاجتماعية والاقتصادية.

يرى تيار المستقبل السوري بالتوصيات الصادرة عن المؤتمر – التي تشمل تفعيل المجلس الوطني لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، وإعداد استراتيجية وطنية شاملة للأعوام 2026-2030، وإدراج اختصاصات الإعاقة في الملاك الوظيفي الرسمي، وتعزيز الدمج التعليمي والمهني والمجتمعي، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية متطورة، وتعديل المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2008، واعتماد بيئة دامجة خالية من العوائق – إطاراً نظرياً قوياً يتوافق مع الالتزامات الدولية لسورية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ومع ذلك، فإن قيمة هذه التوصيات تكمن في تحولها إلى سياسات عملية ملموسة، مدعومة بموارد مالية وبشرية كافية، ومراقبة مستقلة تضمن الشفافية والمساءلة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد بعد سنوات من الصراع الذي أدى إلى تنامي أعداد ذوي الإعاقة بشكل كبير، كما أبرزنا في تقريرنا حول "الواقع الصحي في سورية" بتاريخ 17 نوفمبر 2023م، الذي أشار إلى الحاجة الملحة لدعم هذه الفئة من خلال خدمات منقذة للحياة وتنسيق دولي ووطني للوصول إلى الفئات الضعيفة.

ينطلق تيار المستقبل السوري من رؤيته الوطنية الشاملة، التي تؤكد على أن بناء سورية المستقبل يقوم على أساس العدالة الاجتماعية والدمج الشامل، كما عبرنا عنها في بياننا بمناسبة "اليوم العالمي لذوي الإعاقة" (3 كانون الأول 2024)، حيث شددنا على ضرورة إيصال صوت ذوي الإعاقة في سورية، وتسليط الضوء على معاناتهم من نقص الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، ودعوة المجتمع الدولي لتقديم الدعم الإنساني، وإعادة تأهيل البنية التحتية لتكون صديقة لذوي الإعاقة، ونشر التوعية بحقوقهم لتغيير النظرة المجتمعية السلبية، وضمان مشاركتهم في اتخاذ القرارات.
كما أكدنا في بيان "اليوم العالمي لمتلازمة داون" (21 آذار 2025) على أهمية تمكين السياسات العامة لتوفير برامج دعم شاملة من الطفولة إلى النضج، بما في ذلك التعليم الدامج والتدريب المهني، وتوعية المجتمع لحرب الوصمة الاجتماعية، وإنشاء مراكز متخصصة للتشخيص المبكر والدعم النفسي للأسر، مع اعتبار حقوق ذوي الإعاقة في صلب الخطط التنموية.
وفي سياق التنمية العمرانية، كما جاء في ورقتنا "تيار المستقبل السوري والتنمية العمرانية" (23 نيسان 2024)، يجب أن تكون التنمية محورها الإنسان، مع ضمان حقوق متساوية لذوي الإعاقة في الوصول إلى الخدمات العامة وفرص كسب الرزق بشكل عادل وكريم، لتعزيز الدمج الاجتماعي والعدالة.

في هذا الإطار، يؤكد تيار المستقبل السوري أن نجاح التوصيات يتطلب مشاركة حقيقية وفعالة لذوي الإعاقة أنفسهم ومنظمات المجتمع المدني المستقلة في صياغة الاستراتيجية الوطنية ومراقبة تنفيذها، مع تخصيص ميزانيات واضحة للبرامج الوقائية، والكشف المبكر، والرعاية النفسية، والتأهيل المهني، وتوسيع النطاق ليشمل جميع المناطق السورية دون تمييز جغرافي أو اجتماعي. كما نرى أي تأخير في التنفيذ أو نقص في الالتزام قد يعزز من التحديات الهيكلية، مثل نقص الموارد والأدوية الذي أبرزناه سابقاً، ويحول دون تحقيق الشمول الحقيقي الذي يطمح إليه الشعب السوري.

إن تيار المستقبل السوري، المنبثق من رحم الثورة والملتزم بثوابتها في الكرامة والعدالة، يرى في تمكين ذوي الإعاقة ركيزة أساسية لبناء دولة سورية قوية ومتماسكة، حيث يساهم الجميع في صياغة مستقبل مشرق يعكس التنوع البشري كقوة لا كضعف. ونحن على استعداد تام للحوار البناء والتعاون مع كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمنظمات الدولية، لتحويل هذه التوصيات إلى واقع يعزز التماسك الاجتماعي والتنمية الشاملة، مستلهمين من تجاربنا السابقة في الدفاع عن حقوق الضعفاء كجزء لا يتجزأ من الرؤية الوطنية.

شاركها على:

اقرأ أيضا

إعداد تشريع خاص بصناديق الاستثمار

إعداد تشريع خاص بصناديق الاستثمار سيكون خطوة مهمة نحو تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في سورية.

21 ديسمبر 2025

إدارة الموقع

حول بيان داعش الأخير

بيان داعش الأخير وأثره على المشهد السياسي والاجتماعي في سورية

20 ديسمبر 2025

الدكتور زاهر بعدراني