يُرحّب تيار المستقبل السوري بمبادرة "إعلان جبل العرب" التي أطلقها مجموعة من المثقفين والناشطين في محافظة السويداء اليوم الجمعة 14 تشرين الثاني 2025، ويعتبرها خطوة رصينة ومسؤولة في المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها سورية، ومساهمة فعّالة في صياغة تعاقد اجتماعي سليم يقوم على المواطنة المتساوية، سيادة القانون، والعدالة الانتقالية، مع احترام كامل للتنوّع السوري التاريخي.
إننا في تيار المستقبل السوري نرى في هذا الإعلان تعبيراً صادقاً عن صوت أهل السويداء الحقيقي، الذي يرفض العنف والتطرّف من أي جهة كانت، ويُدين الانتهاكات التي طالت المدنيين الأبرياء، ويُصرّ على محاسبة مرتكبيها دون استثناء. كما نثمّن رفضه القاطع لكل أشكال التدخل الخارجي، ولا سيما رفع الأعلام الأجنبية – وعلى رأسها علم الكيان الإسرائيلي – الذي يُعدّ عدواناً على السيادة الوطنية وتاريخ الشعب السوري المقاوم.
يرى تيار المستقبل السوري بأن الأحداث المؤلمة التي شهدتها السويداء، والتي أدت إلى نزوح آلاف الأسر، وتدمير منازل، واختطاف مدنيين، وتعطيل حياة الطلاب، لم تكن يوماً تعبيراً عن إرادة أهل الجبل، بل كانت نتيجة أجندات خارجية وداخلية تسعى لتقويض الوحدة الوطنية وإرباك مسار الانتقال.
ومع ذلك، فإن صمود النسيج الاجتماعي في المحافظة، ورفض أهلها للتقسيم والانفصال، يُعدّ درساً وطنياً نستلهم منه في بناء الدولة الجديدة.
يؤكد تيار المستقبل السوري على النقاط التالية كأسس لبناء الدولة الوطنية:
- العدالة الانتقالية أولوية وطنية: الاعتراف الكامل بالجرائم المرتكبة، ومحاسبة الجناة عبر آليات قضائية مستقلة وشفافة، مع دعم كامل لعمل لجنة تقصّي الحقائق الدولية.
- الإفراج الفوري عن المخطوفين وتأمين عودة آمنة للنازحين، مع بدء إعادة إعمار المنازل والبنى التحتية فوراً.
- تأمين الطرق والخدمات الأساسية: فتح طريق دمشق–السويداء بشكل دائم، وحلّ أزمة الطلاب الجامعيين والمدارس كأولوية إنسانية
- اللامركزية التعاونية والخدمية كأساس لدولة تعددية: نعيد التذكير بدعوة تيار المستقبل السوري الإعلان لـ"خيار ثالث"، الذي يقوم على نظام لامركزي تعاوني وخدمي، يتيح للمحافظات إدارة خدماتها المحلية بشكل فعّال، ضمن دولة سورية موحدة، مع توزيع السلطة والثروة بعدالة، وضمان المشاركة الفاعلة لجميع المواطنين.
هذه الصيغة توازن بين وحدة الدولة الوطنية وحقوق المجتمعات المحلية في اتخاذ قراراتها الإدارية والخدمية. - البناء على التوافقات الوطنية: نعتبر خارطة الطريق الموقّعة في دمشق بتاريخ 16 أيلول 2025 مدخلاً عملياً لحلّ أزمات المناطق كافة، بما فيها السويداء، ونبني عليها لتعميم نموذج الحل السلمي كما في اتفاق 10 آذار مع "قسد".
إن تيار المستقبل السوري يدعو كل القوى الوطنية – من أحزاب وتيارات ومجتمع مدني ومثقفين – إلى التفاعل الإيجابي مع هذا الإعلان، وتشكيل رأي عام فاعل يعيد صياغة الهوية السورية الجامعة، وينقل البلاد من حالة الفوضى والعصبيات إلى دولة المواطنة والمؤسسات.
فالسويداء اليوم نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه سورية غداً: محافظة آمنة، موحّدة، مشاركة في صنع مستقبلها، ضمن وطن يحتضن الجميع دون تمييز، ويقوم على اللامركزية التعاونية والخدمية التي تضمن العدالة، الكفاءة، والمواطنة الفاعلة.
فسورية المستقبل تبنى بالحوار، لا بالسلاح. بالقانون، لا بالفوضى. بالمواطنة، لا بالعصبية.