في الثالث من تشرين الثاني من كل عام، تحتفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بـ اليوم الدولي للمحميات الحيوية، الذي أُقِرّ رسميّاً عام 2021 ليكون مناسبةً عالمية لتجديد العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وتعزيز مفهوم التنمية المستدامة القائمة على التوازن بين حماية البيئة ورفاه الإنسان.
إنّ تيار المستقبل السوري، إذ يشارك العالم هذا اليوم، يؤكد أن البيئة لم ولن تكون ترفاً فكرياً ولا قضية ثانوية، إنما هي أحد أركان الأمن الوطني والإنساني في سورية الجديدة. فالمحميات الحيوية تمثل مختبراً حيًّا للتنمية المستدامة، حيث تلتقي المعرفة بالمسؤولية، وتتعانق الطبيعة مع الإنسان في دورة حياةٍ واحدة، تحترم الأرض وتقدّس الحياة، فلقد عانت سورية خلال العقود الماضية، ولا سيما خلال سنوات الحرب، من تدميرٍ واسعٍ للمنظومات البيئية، وقطعٍ للغابات، وتراجعٍ للتنوع الحيوي، وفقدانٍ لمصادر المياه والتربة الصالحة، وهو ما يجعل من هذا اليوم العالمي فرصةً لإعادة التفكير في علاقة السوريين ببيئتهم ضمن مشروع وطني جامع، يرى في البيئة ركيزةً لبناء الثقة، ولترميم الجغرافيا والذاكرة معاً.
يدعو تيار المستقبل السوري إلى أن يكون هذا اليوم منطلقاً لإستراتيجية وطنية للعدالة البيئية، تضع حماية الطبيعة في صلب مسار إعادة الإعمار، وتحوّل المحميات السورية – في تدمر والغاب واللاذقية والبادية الشرقية وسواها – إلى مراكز حياةٍ مستدامةٍ ومشاريع إنتاجٍ محليةٍ تشارك فيها المجتمعات الريفية والمدنية على حدٍّ سواء.
يرى تيار المستقبل السوري أن الانتماء البيئي هو أحد أشكال الانتماء الوطني، وأنّ استعادة التوازن بين الإنسان ومكانه تمثّل جزءاً من عملية المصالحة السورية الكبرى التي تتجاوز الانقسامات الطائفية والمناطقية. ومن هنا، فإنّ إحياء المحميات الطبيعية ليس عملاً بيئياً فحسب، بل هو عملٌ وطني وإنساني يُعيد لسورية وجهها الأخضر ودورها الحضاري في حماية الحياة.
وإذ يثمّن تيار المستقبل السوري جهود اليونسكو وبرنامجها "الإنسان والمحيط الحيوي"، فإنه يدعو إلى شراكةٍ سورية – دوليةٍ جديدة في مجالات البحث العلمي، والتعليم البيئي، والسياحة المستدامة، وإعادة التشجير، بما يجعل من سورية نموذجاً إقليمياً للتنمية الخضراء، وعضواً فاعلاً في شبكة المحميات الحيوية العالمية.
إنّ مستقبل سورية الذي ننشده هو مستقبلٌ يصون التراب والماء والهواء كما يصون الإنسان والكرامة.
فالوطن الذي يحمي بيئته يحمي نفسه، والمجتمع الذي يعيد التوازن إلى أرضه ذيستعيد قدرته على النهوض من رماد الحرب نحو أفق الحياة.