انعكاسات انسحاب حزب العمال الكردستاني من تركيا على الواقع السوري وفرص تطبيق اتفاق آذار

مقدمة:

في خطوة تاريخية وصفت بأنها بداية مرحلة جديدة نحو السلم والاستقرار، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) انسحابه من الأراضي التركية إلى مناطق خارجية، في إطار عملية نزع السلاح وتخفيف التوترات مع الدولة التركية.

تأتي هذه التطورات في سياق طويل من الصراع المسلح المستمر منذ أربعة عقود، وتشكل نقطة تحول استراتيجية على الصعيد الإقليمي، لا سيما في شمال سورية حيث تمثل قوى سورية كردية ترتبط فكرياً وتنظيميا بالحزب تهديداً مباشراً للأمن التركي.
يهدف هذا التقدير إلى دراسة انعكاسات هذا الخبر على الوضع السوري، خصوصاً على قسد، وفرص تطبيق اتفاق آذار بين الشرع وعبدي، مع تقديم توصيات عملية يمكن أن يستفيد منها صانعوا القرار والمجتمع المدني السوري.

تحليل الوضع:

أ. التأثير على تركيا:

انخفاض الضغط العسكري المباشر على الحدود السورية الشمالية.
وإعادة توجيه الاستراتيجية التركية نحو الدبلوماسية والمراقبة الأمنية بدل التصعيد العسكري.
وإمكانية اعتبار هذه الخطوة بداية لتخفيف الانخراط التركي المباشر في صراع شمال شرق سورية، شرط استمرار حزب العمال في الالتزام بقرار الانسحاب.

ب. التأثير على حزب العمال الكردستاني:

فرصة لتقليص الاعتماد على القوة العسكرية والانتقال إلى العمل السياسي المدني في المنطقة.
تعزيز دوره كـ "وسيط سياسي" ضمن التحولات الإقليمية، خصوصا في العلاقات مع القوى الكردية السورية.

ج. التأثير على قسد وتطبيق اتفاق آذار:

تراجع الضغوط التركية المباشرة يوفر بيئة مناسبة لتحريك العملية السياسية وفق اتفاق آذار.
وفرصة لتعزيز الشرعية السياسية لقسد من خلال تقليل اعتمادها على القوة المسلحة واستثمار التحولات الإقليمية لتعزيز المشاركة المدنية.
وأيضاً، الحاجة إلى إدارة التوازن الداخلي لمنع الانقسامات داخل قسد نتيجة التحول من القوة العسكرية إلى الدور السياسي.

التحديات الرئيسية:

  1. التحول السياسي لقسد: مقاومة بعض القيادات العسكرية للحد من النفوذ العسكري قد يعرض العملية إلى توترات داخلية.
  2. التفاعل التركي: أي إخلال بترتيبات الانسحاب أو ظهور عناصر مسلحة جديدة قد يدفع أنقرة للتصعيد مجددًا.
  3. الثقة بين الأطراف السورية: ضمان مشاركة دمشق بشكل فعلي في تطبيق اتفاق آذار لتفادي محاولة إعادة فرض السيطرة الأحادية.

التوصيات لـِ تيار المستقبل السوري:

  1. تعزيز الإطار السياسي: تشجيع قسد على التحول التدريجي من العمل العسكري إلى الدور السياسي المدني وفق اتفاق آذار، مع مراعاة التوازن بين القوى المحلية.
  2. استثمار البيئة الإقليمية: استخدام انسحاب PKK من تركيا كـ "فرصة تاريخية" لقبول السلطات السورية لترسيخ آليات الحكم المحلي والمشاركة المدنية للأكراد بشكل يخرج عن المركزية الشديدة، ولايُولد دولة مهزوزة أو ضعيفة.
  3. حماية الاستقرار الحدودي: دعم التعاون مع المجتمع الدولي لضمان مراقبة الانسحاب ومنع أي محاولات عسكرية قد تؤدي إلى تصعيد.
  4. تطوير منصات الحوار: زيادة فتح قنوات تفاوض على كافة الأصعدة بين قسد ودمشق تحت إشراف القوى الوطنية السياسية كافة لتطبيق الاتفاق بشكل عملي ومستدام.
  5. توعية المجتمع المدني: نشر ثقافة التحول السياسي السلمي ودعم برامج التثقيف المدني لتعزيز قبول التحولات الجديدة لدى القواعد الشعبية.

الخلاصة:

يمثل انسحاب حزب العمال الكردستاني من تركيا نقطة تحول استراتيجية يمكن أن تعيد رسم خريطة الصراع الإقليمي، وتفتح الباب أمام بيئة أكثر ملاءمة لتطبيق اتفاق آذار في سورية. نجاح هذه المرحلة يعتمد على قدرة الأطراف السورية على التحول نحو السياسة المدنية، وإدارة الضغوط الإقليمية، وتطوير آليات موثوقة للحوكمة المشتركة، بما يحقق الأمن والاستقرار ويضمن حقوق جميع المكونات السورية.
تيار المستقبل السوري يرى في هذه اللحظة فرصة تاريخية لتعزيز السلم الوطني، ودعم عملية الانتقال السياسي السلمي في شمال شرق سورية، مع حماية سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها.

شاركها على:

اقرأ أيضا

منتدى الأعمال السوري الكوري

منتدى الأعمال السوري الكوري الذي أقيم في الشيراتون بحضور الدكتور زاهر بعدراني.

5 ديسمبر 2025

إدارة الموقع

إعادة تكوين الإنسان العربي: من التهميش إلى الولادة الجديدة

التحديات التي تواجه الإنسان العربي وكيف يمكن إعادة تكوينه من التهميش إلى التحول الإيجابي.

4 ديسمبر 2025

أنس قاسم المرفوع