ورشة "رفع كفاءة المباني التاريخية للاستخدام الأمثل"

في ضوء الإعلان عن تنظيم ورشة العمل المشتركة بين مديرية مدينة دمشق القديمة والمعهد العالي للتخطيط الإقليمي، تحت عنوان "رفع كفاءة المباني التاريخية للاستخدام الأمثل"، يعبّر تيار المستقبل السوري عن موقفه المبدئي والمهني تجاه السياسات المقترحة لتوظيف البيوت الدمشقية في القطاع السياحي، ويؤكد على ضرورة تبني مقاربة متوازنة تحترم البعد الإنساني والاجتماعي والمعماري لهذه الأحياء التاريخية.

يؤمن تيار المستقبل السوري أن الذاكرة لا تُختزل في وظيفة، وأن البيوت الدمشقية ليست عبارة عن عناصر معمارية قابلة لإعادة التوظيف، بل هي نسيج حيّ ينبض بذاكرة المدينة، ويجسد نمط حياة متكامل تَشكل عبر قرون من التفاعل الاجتماعي والثقافي، وبالتالي فإن أي محاولة لتحويل هذه البيوت إلى منشآت سياحية دون ضوابط صارمة، تهدد بتفريغ الأحياء من سكانها الأصليين، وتفكيك الروابط الاجتماعية التي تشكل جوهر المدينة القديمة.

يحذر تيار المستقبل السوري من ظاهرة "الديزنيفكايشن" (Disneyfication)، أي تحويل المدينة القديمة إلى واجهة استهلاكية سطحية، تُقدَّم للسائح كمنتج فولكلوري مُعلّب، منزوع من سياقه التاريخي والاجتماعي.

وفي هذا النموذج، تُختزل البيوت الدمشقية إلى "ديكور شرقي" جذاب، بينما يُقصى السكان، وتُمحى الذاكرة الحقيقية لصالح صورة نمطية تجارية!

ونرى هنا أن هذه الظاهرة لا تهدد أصالة المكان فقط، بل تخلق أحياءً خاوية من الحياة الحقيقية، مزدحمة نهاراً بالسياح، ومهجورة ليلاً، بلا سكان، بلا جيران، بلا هوية.

وانطلاقًا من رؤيتنا في تيار المستقبل السوري لدمشق كمدينة حية، لا كمنتج سياحي، فإننا نؤكد على ما يلي:

  1. رفض التوظيف السياحي غير المنضبط الذي يؤدي إلى طرد السكان الأصليين، ورفع أسعار العقارات، وتحويل الأحياء إلى فضاءات تجارية فاقدة للروح.
  2. الدعوة إلى تشريعات حضرية واضحة تحمي الطابع السكني للأحياء، وتمنع المضاربات العقارية، وتضع قيودا صارمة على تغيير وظيفة المباني التاريخية.
  3. إشراك المجتمع المحلي في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ، باعتباره الحامل الحقيقي لذاكرة المكان، وليس مجرد متفرج على تحولات تفرض عليه من الخارج.
  4. تشجيع أنماط السياحة الثقافية والتعليمية التي تحترم خصوصية المكان وسكانه، وتُبنى على التفاعل لا الاستهلاك.
  5. إطلاق برامج دعم للسكان الأصليين لترميم البيوت والحفاظ عليها كمساكن، بما يضمن استمرارية الحياة في المدينة القديمة، وليس تحويلها إلى متحف مفتوح أو فندق كبير.

إننا في تيار المستقبل السوري نؤمن أن الحفاظ على دمشق القديمة لا يكون عبر تجميلها أو تزيينها لتناسب ذوق السائح، بل عبر احترام روحها، وسكانها، ونمطها العمراني والاجتماعي الفريد.

إننا في تيار المستقبل السوري نؤمن أن المدينة لم ولن تكون سلعة، إذ هي كائن حيّ، وأي تدخل في نسيجها يجب أن يُبنى على فهم عميق لتاريخها، ووعي بمستقبلها، والتزام بمصلحة سكانها.

ونوضح هنا أننا كنا قد طلبنا عشرات المرات لقاء محافظ مدينة دمشق تحديداً دونما جدوى، وذلك للتدارس معه وتقديم الأفكار والمساهمة الفاعلة والداعمة لمحافظة دمشق تحديداً ومن خلال إشراك عدد من أبناء دمشق الأصليين والمعنيين والمطّلعين والعالِمِين بدقائق المدينة وحالاتها وأحوالها على مدار عقود من الزمن وتعاقب أزمنة الحكم القديم وصولاً إلى العهد الجديد.

شاركها على:

اقرأ أيضا

إعادة تكوين الإنسان العربي: من التهميش إلى الولادة الجديدة

التحديات التي تواجه الإنسان العربي وكيف يمكن إعادة تكوينه من التهميش إلى التحول الإيجابي.

4 ديسمبر 2025

أنس قاسم المرفوع

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية في مرحلتي ما قبل وبعد سقوط نظام الأسد

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية قبل وبعد سقوط نظام الأسد وتأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.

4 ديسمبر 2025

إدارة الموقع