يتابع تيار المستقبل السوري باهتمام بالغ الخبر الذي أعلنته وسائل الإعلام في 24 تشرين الأول / أكتوبر 2025، والمتعلق بتوقيع السلطات في دمشق اتفاقية مع مشروع Medusa Submarine Cable System لإنزال أول كابل بحري دولي للاتصالات في مدينة طرطوس على الساحل السوري، وهو ما يُعدّ أول خطوة من نوعها في ربط سورية المباشر بالبنية التحتية الرقمية العالمية عبر البحر الأبيض المتوسط.
يؤكد تيار المستقبل السوري أن أي مشروع يهدف إلى تحديث البنية التحتية للاتصالات والانفتاح على العالم الرقمي يمثل من حيث المبدأ خطوة ضرورية في مسار إعادة بناء الاقتصاد السوري واستعادة موقع سورية ضمن شبكة الاقتصاد العالمي، شريطة أن يُدار وفق معايير الشفافية والسيادة الوطنية وأسس الشراكة الاقتصادية النزيهة التي تضمن مصالح الشعب السوري لا مصالح فئات أو أطراف سياسية بعينها.
ويُذكّر تيار المستقبل السوري بأن شركة “Medusa” تعدّ من المشروعات الأوروبية المعترف بها دولياً والممولة جزئياً من الاتحاد الأوروبي، وتعمل بالشراكة مع شركات عالمية مثل Orange الفرنسية، ما يجعلها جهة ذات سمعة فنية وتنظيمية محترمة.
ومع ذلك، فإن تيار المستقبل السوري يرى أن إبرام عقود استراتيجية بهذا الحجم في ظل غياب مؤسسات رقابية وتشريعية منتخبة يشكل مخاطرة قانونية وسياسية ينبغي التنبّه إليها، لأن مثل هذه المشاريع تحمل أبعاداً تتجاوز التقنية إلى التحكم بالبيانات والسيادة الرقمية الوطنية.
إن تيار المستقبل السوري، إذ يرحب مبدئياً بكل مبادرة تسهم في تطوير قطاع الاتصالات وربط سورية بالعالم المتقدم، فإنه يؤكد أن الشرعية السياسية والحوكمة الرشيدة هما الإطار الوحيد الذي يمنح هذه الاتفاقيات مشروعيتها واستدامتها.
لهذا ندعو لجعل كافة العقود قابلة إلى إعادة مراجعة بعد المرحلة الانتقالية إلى حين تشكيل حكومة وطنية منتخبة تمثل الإرادة الشعبية وتضمن أن تكون الثروة الرقمية والبنية السيبرانية تحت إشراف وطني مستقل.
يشدد تيار المستقبل السوري على أن استثمار التكنولوجيا ينبغي أن يكون جسراً نحو الحرية والتنمية والشفافية، لا وسيلة لإعادة إنتاج السيطرة المركزية أو التبعية التقنية.
ونرى أن الكابل البحري، إذا أُدير بعقل اقتصادي سيادي، يمكن أن يشكل نواة اقتصاد رقمي جديد في سورية قائم على الابتكار والمعرفة والفرص المتكافئة، أما إذا أُدرج في منظومة احتكار القرار والثروة فسيكون مجرد امتداد لاقتصاد مشوّه غير منتج.
إن تيار المستقبل السوري يدعو إلى اعتماد مقاربة وطنية توازن بين الحاجة إلى التحديث التقني وضمانات السيادة والشفافية، ويطالب بإشراك الخبراء السوريين المستقلين في الرقابة على هذا النوع من المشاريع لضمان عدم استغلالها في الأغراض السياسية أو الأمنية الضيقة.