يتابع تيار المستقبل السوري بقلق بالغ الإجراءات الأخيرة التي أقدمت عليها الإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية، والمتمثلة في إغلاق أكثر من ثمانين معهداً تعليمياً في محافظة الحسكة، بعد سلسلة من القرارات التي طالت المدارس والجامعات الوطنية، في خطوة تمسّ مباشرةً الحق في التعليم، والتنوّع المعرفي، ووحدة المنظومة الوطنية التربوية السورية.
إن تيار المستقبل السوري إذ يستحضر في هذا السياق الروح الوطنية التي عبّر عنها اتفاق آذار التاريخي بين الرئيس أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي، والذي رسّخ مبدأ الشراكة الوطنية والتكامل الإداري في إطار الدولة السورية الواحدة، يرى أن مثل هذه القرارات تنحرف عن جوهر الاتفاق وتضرب في عمق مفهوم اللامركزية الوطنية التي تقوم على التكامل لا الانفصال، وعلى التعدد لا الإقصاء، ولقد جاء اتفاق آذار كخريطة طريق وطنية تحفظ وحدة التراب السوري وتؤسس لشراكة حقيقية بين جميع المكونات، لا لتكون مظلة لتكريس مناهج خاصة أو فرض وصاية تعليمية بمعزل عن التوافق الوطني الجامع.
ومن هنا، فإن تيار المستقبل السوري يعتبر أن المساس بحرية التعليم أو فرض مناهج غير معترف بها، يمثل انتهاكاً صريحاً للهوية الوطنية السورية ولحق الأجيال في تعليمٍ متكاملٍ ومعترفٍ به وموصولٍ بالمستقبل الجامع للسوريين.
إن تيار المستقبل السوري يذكّر بأن التعليم ليس ميداناً للتجاذب السياسي أو للتعبئة الفكرية، بل هو الركيزة الأولى لبناء سورية الجديدة التي ننشدها، سورية الحديثة التعددية اللامركزية، لكن الموحدة أرضاً وهويةً ومصيراً، وإن أيّ محاولة لاحتكار العملية التعليمية أو إخضاعها لأجندة فئوية تشكل اعتداءً على العقد الاجتماعي السوري بأكمله.
وإذ يؤكد تيار المستقبل السوري حرصه على وحدة الصف الوطني في مواجهة جميع أشكال التطرّف والانغلاق، فإنه يدعو قيادة الإدارة الذاتية إلى التراجع الفوري عن قرارات إغلاق المعاهد التعليمية، وإلى إطلاق حوار تربوي وطني شامل يضم ممثلي الدولة والمجتمع المدني ومجالس التعليم المحلية، تحت إشراف وطني جامع، بما يضمن إعادة بناء التعليم على أسس مهنية ووطنية بعيدة عن التجاذبات السياسية.
كما يدعو تيار المستقبل السوري كافة القوى الوطنية الكردية والعربية والسريانية والمسيحية إلى التمسك بروح اتفاق آذار ومبادئه في الشراكة والاحترام المتبادل، والعمل معاً على حماية التعليم باعتباره قضية وطنية لا مجال فيها للتجريب أو الانقسام.
إننا في تيار المستقبل السوري نؤمن أن سورية القادمة لن تُبنى إلا على أساس العلم والحرية والمواطنة المتساوية، وأن أمنها المعرفي لا يقل أهمية عن أمنها السياسي والعسكري.
وكل مساسٍ بهذا الأمن هو مساسٌ بمستقبل الوطن ذاته.