رموز وأعلام الدولة في سورية (30)عبد الغفار باشا الأطرش

في إطار سلسلة رموز وأعلام الدولة في سورية التي ينشرها تيار المستقبل السوري عبر موقعه الرسمي، نسلط الضوء على واحدة من الشخصيات الوطنية المؤثرة في تاريخ سورية الحديث، وهو عبد الغفار باشا الأطرش، الذي جسّد نموذج القائد المدني العقلاني في مرحلة عصيبة من التحولات الوطنية، وكان صلة وصل بين جبل العرب والدولة المركزية.

سيرة وطنية من الجبل إلى الدولة:

  • وُلد عبد الغفار الأطرش عام 1879 في مدينة السويداء، ضمن بيت سياسي عريق، فوالده إبراهيم باشا الأطرش كان من كبار زعماء جبل العرب في أواخر العهد العثماني
  • تلقى تعليمه في المدرسة الأميرية، مظهرًا ميلًا مبكرًا للفكر السياسي والاهتمام بالشأن العام، بعيدًا عن النزعة العسكرية التي اتسم بها عدد من شباب الجبل آنذاك

المشاركة في التأسيس السياسي لسورية:

  • انتُخب عام 1915 عضوًا في المجلس العمومي في دمشق، في واحدة من أوائل تجارب التمثيل السياسي المحلي في البلاد
  • شارك بعد انهيار الدولة العثمانية في المؤتمر السوري عام 1918، الذي سعى إلى رسم ملامح المشروع الوطني السوري بقيادة الملك فيصل بن الحسين
  • دعا إلى وحدة سورية، ورفض مشاريع التقسيم الاستعمارية التي فرضتها اتفاقية سايكس–بيكو بين فرنسا وبريطانيا

مقاومة الاستعمار الفرنسي:

  • رفض التعاون مع سلطات الانتداب الفرنسي بعد دخولها سورية
  • نأى بنفسه إلى فلسطين بين عامي 1921 و1928، حيث واصل دعم الثورة السورية الكبرى من الخارج
  • لم ينخرط في العمل العسكري، لكنه لعب دورًا سياسيًا وتنظيميًا في دعم الثوار، وساهم في بناء شبكات الدعم السياسي والمالي والإعلامي للثورة، خصوصًا تلك التي قادها ابن عمه سلطان باشا الأطرش عام 1925

في قلب الدولة السورية:

  • عاد إلى دمشق مع نهاية الثورة، وشارك في مرحلة التفاوض مع الفرنسيين
  • لعب دورًا حاسمًا في ترميم العلاقة بين جبل العرب والدولة السورية المركزية
  • شغل منصب نائب رئيس مجلس الحكومة السورية، وشارك في صياغة التشريعات التي هدفت إلى تعزيز اللامركزية الإدارية وتوسيع المشاركة الشعبية
  • عُيّن عام 1941 أول وزير للدفاع الوطني في حكومة حسن الحكيم، بعد توقيع اتفاق الاستقلال الجزئي عن فرنسا، وهو منصب رمزي عكس ثقة النخبة السياسية به

الدور الإقليمي والقيادي:

  • ترأس وفدًا رسميًا إلى شفا عمرو في فلسطين عام 1939 لإتمام الصلح بين العائلات الدرزية هناك، وهو ما عكس مكانته الإقليمية وقدرته على أداء دور جامع عربي
  • مثّل سورية في عدد من المناسبات الوطنية والدولية، ودعا إلى بناء جيش وطني مستقل يبتعد عن النفوذ الخارجي والولاءات الفئوية

التكريم والرحيل:

  • تقديرًا لإسهاماته، مُنح وسام المجيدي من الدرجة الثالثة، وميدالية الحرب، ولقب باشا، كما رُقي إلى رتبة أمير لواء عام 1939
  • توفي في 9 آذار 1942، وشيّع في جنازة وطنية كبرى شارك فيها كبار المسؤولين من سورية ولبنان، وشيوخ العشائر من مختلف المحافظات، في مشهد يرمز إلى الوفاء الشعبي لشخصية جامعة

إننا في تيار المستقبل السوري، إذ نُحيي سيرة القائد الوطني عبد الغفار باشا الأطرش، نؤكد مجددًا على الحاجة لبناء دولة سورية حديثة، تستلهم من رموزها الوطنية العريقة، ممن جمعوا بين الكلمة والكرامة، بين الهوية والانتماء، بين الدولة والوطن

نستذكر اليوم هؤلاء القادة، لا كحكايات من الماضي، بل كنماذج ملهمة في صياغة المستقبل، حيث تبنى الجمهورية الجديدة على أسس العدالة واللامركزية والمواطنة الجامعة، لا على الولاء ولا التبعية.

شاركها على:

اقرأ أيضا

إعادة تكوين الإنسان العربي: من التهميش إلى الولادة الجديدة

التحديات التي تواجه الإنسان العربي وكيف يمكن إعادة تكوينه من التهميش إلى التحول الإيجابي.

4 ديسمبر 2025

أنس قاسم المرفوع

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية في مرحلتي ما قبل وبعد سقوط نظام الأسد

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية قبل وبعد سقوط نظام الأسد وتأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.

4 ديسمبر 2025

إدارة الموقع