خلفية الحدث:
في 10 تموز 2025، وعلى هامش منتدى بون الدولي للإعلام، أجرى وزير الإعلام السوري، الدكتور حمزة المصطفى، مباحثات رسمية في العاصمة الألمانية برلين مع المدير التنفيذي لمركز iRights Lab، السيد فيليب أوتو. تناول اللقاء إمكانات التعاون في توظيف الذكاء الاصطناعي لمواجهة خطاب الكراهية وتحقيق تحول رقمي مسؤول في المجال الإعلامي.
وقد وجه الوزير دعوة مباشرة إلى إدارة المركز لزيارة سورية بهدف تفعيل برامج مشتركة.
سياق المرحلة السورية، وموقع الذكاء الاصطناعي في الحوكمة الإعلامية:
تأتي هذه المبادرة في لحظة تحول تاريخية تعيشها سورية، عنوانها الخروج من الحقبة السلطوية نحو بناء دولة مدنية تعددية. ويُعد إصلاح القطاع الإعلامي أحد أعمدة هذا التحول، خاصة في ظل الانتشار الواسع للمنصات الرقمية، وتفاقم خطابات الكراهية والتحريض التي تؤثر على السلم الاجتماعي، وتغذي الانقسام السياسي والطائفي.
حيث ترتكز تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة على تحليل أنماط اللغة، واكتشاف المؤشرات السلوكية والبلاغية المحرضة، وتفعيل النماذج التنبؤية لرصد المحتوى المسيء قبل انتشاره. وتشير تجارب دول كألمانيا والهند وكينيا إلى دور حاسم لهذه التقنية في الحد من المحتوى المضلّل، وتعزيز بيئة رقمية آمنة.
لكن فعالية الذكاء الاصطناعي في سورية يجب أن ترتبط بـ:
١- تطوير بنية تشريعية تراعي الخصوصية الثقافية وحقوق الإنسان
٢- إشراف مؤسسي مستقل يضمن الاستخدام الأخلاقي للتقنيات
٣- توافق بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني في الرقابة والتحقق
ومن هنا فإننا نرى أن التحديات أمام هذا المسار تتجلى بما يأتي:
- غياب البنية القانونية لتنظيم أدوات الذكاء الاصطناعي إعلاميًا.
- ضعف الثقة المجتمعية بالمؤسسات الرقابية.
- تضارب الرؤى حول مفهوم خطاب الكراهية ومحدداته.
- نقص الكوادر التقنية المدرَّبة على الرصد والتحليل اللغوي الآلي.
- هشاشة البنية التحتية الرقمية في عدد من المحافظات.
الرؤية الاستراتيجية لتيار المستقبل السوري:
ينظر تيار المستقبل السوري إلى الذكاء الاصطناعي كأداة تحول مؤسسي وليست تقنية رقابية فقط، ويقترح اعتماد مقاربة تشاركية متعددة المستويات تستند إلى:
- تأسيس هيئة وطنية مستقلة لحقوق الخطاب الرقمي، تضم خبراء في الذكاء الاصطناعي والإعلام والقانون، لضبط المعايير وتقديم التوصيات التشريعية.
- إطلاق منصة سورية مفتوحة لرصد خطاب الكراهية، تعتمد الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع التحقق البشري من قبل صحفيين مدرّبين.
- إعادة هندسة المناهج الأكاديمية في الإعلام والبرمجة لتشمل مهارات الإعلام الرقمي المسؤول وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
- توسيع الشراكات الدولية مع مراكز الأبحاث والمؤسسات الأممية في مجال التقنية الحقوقية، مثل UNESCO وUNDP.
- اعتماد مؤشرات وطنية لقياس خطاب الكراهية بشكل دوري ونشر تقارير شفافة تبني عليها السياسات الإعلامية.
هذا، ويرى المكتب الإعلامي لتيار المستقبل السوري أن التعاون السوري–الألماني الأخير يشكّل فرصة استراتيجية لا يجب أن تبقى في الإطار البروتوكولي.
بل يجب تحويلها إلى سياسة إعلامية وطنية تعتمد التقنية الحديثة كجزء من مشروع العدالة الانتقالية، وتؤسس لفضاء عام يقوم على الثقة والتنوع واحترام الرأي الآخر.
كما وندعو الحكومة السورية والمؤسسات التشريعية والمجتمع المدني إلى بدء حوار وطني تقني–قانوني حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في حماية الخطاب العام. كما نطالب المجتمع الدولي بالمساهمة في بناء القدرات وتوفير الدعم الفني لهذا المسار التحويلي.