رجال الأعمال، دورٌ وأهمية
استهلال:
يُطلق على الأشخاص الذين يملكون أو يديرون شركاتٍ خاصة، ويسعون لتحقيق الربح من خلال تقديم منتجات، أو خدمات تلبي احتياجات السوق، بأنهم (رجال الأعمال). إذ هم محركٌ رئيسي للاقتصاد، حيث يقومون بخلق فرص عمل جديدة وابتكار منتجات وخدمات جديدة.
ويحمل رجل الأعمال صفات منها أنه مبتكر، يبحث دائمًا عن أفكار جديدة لتحسين الأعمال، كما أنه مُخاطر، يستثمر وقته وماله في مشاريع جديدة، وقائدٌ يدير فريقًا من الأشخاص لتحقيق أهداف الشركة، ومسؤولٌ يتحمل ظروف نجاح أو فشل شركته.
أهمية وضرورة:
تظهر أهمية رجال الأعمال في قضايا كثيرة لعلنا نوجز بعضها:
- الشركات التي يأسسها رجال الأعمال توفر فرص عمل للكثير من الناس.
- يساهمون في نمو الاقتصاد من خلال الاستثمار وابتكار منتجات وخدمات جديدة.
- يمكن لرجال الأعمال أن يساهموا في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع من خلال مشاريعهم.
ومما يجدر الإشارة إليه هنا أن مصطلح (رائد الأعمال) قريب من (رجل الأعمال)، ولكنه يشير بشكل أكبر إلى الشخص الذي يبدأ مشروعًا جديدًا مبتكرًا.
ومصطلح (صاحب العمل) مصطلح أوسع، يمكن أن يشمل رجل الأعمال ومدير الشركة.
وأما دور رجال الأعمال في نهضة الدول، فكبير، إذ يلعب رجال الأعمال دورًا حيويًا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول. إضافة لأدوار متعددة منها:
- خلق فرص العمل من خلال تأسيس الشركات وتوسيعها، مما يساهم في تقليل البطالة وتحسين المستوى المعيشي.
- يشجعون على الابتكار المستمر وتطوير منتجات وخدمات جديدة، مما يدفع عجلة التقدم التكنولوجي والاقتصادي.
- يستثمرون أموالهم في مشاريع جديدة، مما يحفز النمو الاقتصادي ويجذب استثمارات أخرى.
- يشاركون في التجارة المحلية والدولية، مما يساهم في زيادة الدخل القومي وتقوية العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى.
- إن كثيراً من رجال الأعمال يدركون أهمية المسؤولية الاجتماعية، فيساهمون في دعم المشاريع الخيرية والاجتماعية، وتحسين البنية التحتية، والحفاظ على البيئة.
- كما يعززون دور القطاع الخاص في الاقتصاد، مما يقلل من الاعتماد على القطاع العام ويزيد من الكفاءة والإنتاجية.
وفي الحديث عن العوامل التي تؤثر على دور رجال الأعمال، نذكر منها:
- البيئة الاقتصادية: فالاستقرار الاقتصادي، وسهولة ممارسة الأعمال، وتوفر البنية التحتية الجيدة، كلها عوامل تشجع على نشاط رجال الأعمال.
- الدعم الحكومي: إذ الدعم الحكومي للقطاع الخاص من خلال توفير التسهيلات والقروض، وحماية الملكية الفكرية، يساهم في نمو الأعمال.
- الثقافة المجتمعية: فتشجيع ثقافة ريادة الأعمال والابتكار، وتقدير دور رجال الأعمال، يساهم في زيادة عددهم ونشاطهم.
تحديات ومصاعب:
يلعب رجال الأعمال دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة للدول، ومن خلال دعمهم وتوفير بيئة محفزة لهم، يمكن للدول أن تحقق نموًا اقتصاديًا مستدامًا وتحسن من مستوى معيشة مواطنيها.
وكما مثلَ كلِّ التخصصات، فإنه يقف في طريق رجال الأعمال عدة تحديات من المهم تحديدها وعلاجها، من هذه التحديات:
- البيروقراطية: فالتعقيدات الإدارية والروتين البيروقراطي قد يعوقان عمل رجال الأعمال.
- انتشار الفساد: يؤثر سلبًا على مناخ الاستثمار ويجعل رجال الأعمال يترددون في الاستثمار.
- قلة التمويل: فربما يواجه رجال الأعمال صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لمشاريعهم.
- ٤- المنافسة الشديدة قد تجعل البقاء في السوق صعبًا.
أهمية رجال الأعمال في تعافي سورية:
من خلال الدور العام لرجال الأعمال، يمكن القول أنهم في سورية لهم دور حيوي في عملية إعادة إعمار سورية ونهضتها الاقتصادية، وذلك لأسباب عدة:
- استثمار الأموال: إذ يُعتبر رجال الأعمال مصدراً أساسياً للاستثمارات التي تحتاجها سورية لإعادة بناء البنية التحتية وقطاعات الإنتاج المختلفة.
- تساهم المشاريع: التي ينفذها رجال الأعمال في خلق فرص عمل جديدة للشباب السوري، مما يساهم في تقليل البطالة التي تجاوزت نسبة البطالة المقنعة ما يزيد عن 80٪ في سورية، كما وتساهم هذه المشاريع في تحسين المستوى المعيشي.
- تنويع الاقتصاد الوطني: فرجال الأعمال يسعون إلى تنويع الاقتصاد السوري من خلال استثمارهم في قطاعات جديدة واعدة، مما يقلل الاعتماد على قطاع واحد.
- جذب الاستثمارات الأجنبية، والتي تساهم في نقل التكنولوجيا والمعرفة.
- يسهم رجال الأعمال: في بناء مدن جديدة ومناطق صناعية، وتطوير البنية التحتية، مما يحسن من جودة الحياة للمواطنين.
- كثير من رجال الأعمال يدركون أهمية المسؤولية الاجتماعية، فيساهمون في دعم المشاريع الخيرية والاجتماعية، وتحسين الخدمات العامة، وهذا عامل إيجابي للشعب السوري.
ورغم كل هذه الأهمية، فإن العراقيل لا زالت كبيرة، والتحديات التي تواجه رجال الأعمال في سورية تحتاج إلى دراسة وتذليل، إذ عدم الاستقرار الأمني يمثل عائقاً كبيراً أمام الاستثمار، وانتشار الفساد في كل المناطق السورية المختلفة يزيد من تكاليف الأعمال ويقلل من رغبة المستثمرين، إضافة إلى تدمير البنية التحتية خلال الحرب يجعل الاستثمار مكلفاً، مع ما يواجه رجال الأعمال من صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لمشاريعهم، إضافة إلى عدم الاستقرار التشريعي، والذي يخلق بيئة غير مؤاتية للاستثمار.
لهذا، وللبحث عن حلول لهذه التحديات، يجب على صناع القرار في سلطات الأمر الواقع بسورية اتخاذ إجراءات تساهم في تذليل هذه التحديات، مثل ضمان الأمن والاستقرار، والذي هو الأساس لجذب الاستثمارات، ومثل مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، وتبسيط الإجراءات التشريعية وتقليل البيروقراطية، وتوفير التمويل للمشاريع الاستثمارية، إضافة إلى إعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
بالإضافة إلى هذه التحديات، هناك تحديات أخرى تواجه القطاع الخاص في سورية، مثل صعوبة تسجيل الشركات، بسبب الإجراءات البيروقراطية المعقدة تجعل تسجيل الشركات عملية طويلة ومكلفة، وصعوبة الحصول على التراخيص اللازمة لممارسة النشاط التجاري يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، وضعف الحماية القانونية للملكية الفكرية الذي يشجع على التقليد والسرقة.
خاتمة:
لتعزيز دور رجال الأعمال في إعادة إعمار سورية وتنشيط اقتصادها، نرى ضرورة اتخاذ مجموعة من الخطوات الشاملة والمتكاملة، والتي تشمل:
- تهيئة بيئة استثمارية جاذبة: عبر توفير الأمن والاستقرار، والعمل على تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، وحماية الملكية الفكرية والاستثمارات. إضافة لمكافحة الفساد وتطبيق إجراءات صارمة تصب في توفير ذلك، وتعزيز الشفافية والمساءلة، مع ضرورة تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتقليل الوقت والجهد اللازمين لتأسيس الشركات والحصول على التراخيص، مع أهمية تطوير البنية التحتية الأساسية (الطرق، الكهرباء، المياه، الاتصالات) لتسهيل الأعمال، وتوفير التمويل اللازم للمشاريع الاستثمارية، سواء من خلال القروض المصرفية أو من خلال صناديق الاستثمار.
- دعم وتشجيع ريادة الأعمال: من خلال إنشاء حاضنات الأعمال لتقديم الدعم المالي والفني للشركات الناشئة. مع توفير التدريب والتأهيل لرفع كفاءاة رجال الأعمال، إضافة لتسهيل الوصول إلى الأسواق الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، مع تشجيع التعاون بين القطاع العام والخاص لتنفيذ المشاريع الاستثمارية.
- حماية حقوق الملكية الفكرية: عبر سن قوانين حديثة وتطبيقها بشكل فعال. بالإضافة لإنشاء نظام تسجيل قوي لحماية العلامات التجارية والاختراعات والتصاميم.
- تعزيز التعاون الدولي: عبر جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيعها من خلال تقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين الأجانب، مع التعاون مع المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتقديم الدعم الفني والمالي.
- بناء القدرات المؤسسية ذات الصلة بالقطاع الخاص: مثل الغرف التجارية والصناعية، وتطوير الأطر القانونية والتشريعية التي تحكم عمل القطاع الخاص.
- دعم القطاعات الواعدة من خلال التركيز على القطاعات ذات الأولوية والواعدة مثل الزراعة والصناعة والسياحة والتكنولوجيا مع تقديم الحوافز الضريبية للمشاريع الاستثمارية في هذه القطاعات.
ومما ننطلق به أيضاً في رؤيتنا في تيار المستقبل السوري، والذي نحمله خريطة طريق نعمل عليها: ضرورة أن يكون الدعم المقدم لرجال الأعمال مستداماً وليس مؤقتاً، وأن يكون هناك coordination بين مختلف الجهات الحكومية المعنية بدعم القطاع الخاص، وأن يتم تقييم السياسات والبرامج التي يتم تنفيذها بشكل دوري لتحديد مدى فعاليتها.
بالإضافة إلى هذه الخطوات، يجب على رجال الأعمال أنفسهم أن يلعبوا دوراً فعالاً في النهوض باقتصاد بلادهم من خلال:
الابتكار: عبر تبني التكنولوجيا الحديثة والابتكار في المنتجات والخدمات.
التعاون: فيما بينهم وبين السلطات الحالية والمستقبلية لمافيه مصلحة السوريين بشكل فاعل وندي وفاعل.
تسويق منتجاتهم وخدماتهم بشكل فعال.
المشاركة في المسؤولية الاجتماعية: والمساهمة في التنمية المستدامة.
د. زاهر إحسان بعدراني
مكتب الرئاسة
مقال
تيار المستقبل السوري