حلول اقتصادية في الأزمات والحروب
أمرٌ بالغ الأهمية أن نستفيد في سورية ونحن ضمن حرب وأزمة معقدة، من أفكار حديثة لمحاربة الفقر، فالفقر الذي يرزح تحت خطه 90٪ من الشعب السوري في الداخل، عامل اضافي فوق رأس الشعب السوري بعد معاناة الحرب وويلاتها، مع ضرورة أن تستند هذه الأفكار إلى نظريات اقتصادية حديثة، والتركيز على الحلول الممكنة على المستوى الاقتصادي والمجتمعي للوصول لغاية هي رفع بعض الضيق عن شعبنا السوري المكلوم حتى الوصول لنهاية هذه الحرب.
حلول قطاعية:
وفيها نتكلم حول مايلي:
- ـ القطاعات الحيوية، وفيها يمكن للخطط الاقتصادية أن تكون طويلة الأمد، كما يمكن أن تكون قصيرة الأمد، وهذا مانحتاجه مع القطاعات الحيوية، مثل الزراعة، وضرورة دعم الإنتاج الزراعي المحلي لضمان الأمن الغذائي، وتشجيعها، والعمل على الاكتفاء الزراعي مع مراقبة الاستيراد بما لايضر المزارع، ومراقبة التصدير بما لايضر المواطن، مثل ذلك نقول عن الصناعة، وضرورة التركيز على الصناعات الخفيفة والمتوسطة التي توفر فرص عمل، وتقليل الاعتماد على الاستيراد فيما يمكن تشغيل يد عاملة سورية تصنعه، ومن ذلك أيضا الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة لخفض التكاليف وتقليل الاعتماد على الواردات عبر دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير قروض مدروسة عبر اجتراح بديل عن القروض البنكية لعدم وجودها بسورية، مثل مشاريع التكافل وجمعيات البر، وتجربة القرض الحسن في لبنان، وتفعيل دور الأوقاف، والاستفادة من التجربة البنغلادشية مع الاقتصادي (محمد يونس) وتطبيقها على المستوى السوري بدعم اليد العاملة بالمال لشراء المواد الأولوية، مع تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وأخيرا، من المهم توفير برامج تدريبية لتطوير مهارات العاملين، وهذا مانسعى في مقراتنا بالداخل السوري من العمل عليه.
- ـ الحماية الاجتماعية، ففي سورية حاجة ضرورية إلى زيادة الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية مثل المعاشات والتأمين الصحي، عبر دعم الفئات الأكثر تضرراً من الحرب مثل اللاجئين والنازحين.
وقد قدمنا في مقال سابق بعنوان: (رفع الأجور في سورية) أوضحنا فيه أهمية دراسة المعاشات والرواتب وأثبتنا أو رفع الأجور مفيد لتحريك العجلة الاقتصادية، ولمافيه من ضمانة حقيقية للحماية الاجتماعية أيضا. - ـ التعاون الدولي عبر طلب المساعدات المالية والإنسانية من الدول الصديقة والمؤسسات الدولية، والمشاركة في مبادرات التعاون الاقتصادي الإقليمي.
- ـ الابتكار والتكنولوجيا والذي يكون عبر دعم البحث والتطوير في المجالات التكنولوجية ذات الصلة بالاقتصاد، وتشجيع استخدام التكنولوجيا في تحسين كفاءة الإنتاج وتقديم الخدمات.
- ـ الشفافية ومكافحة الفساد، بل لعل تعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة عصب أي تقدم اقتصادي بعد بسط الأمن ولو كان نسبيا، فمكافحة الفساد هدفها زيادة الثقة في المؤسسات الحكومية، لتكون أكبر رافع اقتصادي لأي بلد مستقر فضلا عمن هو واقع في حرب.
- ـ النظر إلى ما بعد الحرب، والذي سيكون مفيدا في الحاضر والمستقبل، عبر وضع خطط للتعافي الاقتصادي بعد انتهاء الحرب، والاستثمار في البنية التحتية وإعادة الإعمار.
أولويات مهمة:
في الحديث عن الحلول يجب العمل على تكييفها لتناسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل منطقة على حدة، وأن تكون الحلول الاقتصادية متكاملة مع الحلول السياسية والأمنية، والعمل على جعلها مستدامة على المدى الطويل قدر الإمكان، مع مراعاة الظروف الحالية العسكرية.
لهذا يجب الاستفادة من النظريات اقتصادية، مثل الاقتصاد النيوليبرالي الذي يركز على دور القطاع الخاص في دفع عجلة النمو الاقتصادي، والاقتصاد السلوكي الذي يدرس تأثير العوامل النفسية على القرارات الاقتصادية.
إضافة لكل ما سبق هناك حاجة لموارد إضافية مثل العمل على إدخال البنوك الرقمية، والاستفادة من الصناديق الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتقديم الدعم المالي والتقني للدول المتضررة، إضافة إلى إيلاء المنظمات غير الحكومية أهمية أكبر في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية.
ختاماً، يمكن القول أن هذا المقال مجرد عرض عام لبعض الأفكار، لتَطلب حلول اقتصادية، والتي تحتاج دراسة متعمقة للوضع الاقتصادي والاجتماعي لكل منطقة على حدة، ونحن في المكتب الاقتصادي لتيار المستقبل السوري نحاول العمل مع الخبراء الاقتصاديين لعمل دراسات بحثية تهم صانع القرار، ونسعد بالتواصل مع أي جهة تريد النهوض بالاقتصاد الوطني لتقديم خبراتنا في هذا المجال.
عمار العموري
المكتب الاقتصادي
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري