البنوك الرقمية حلاً للشمال السوري
قطاع البنوك يلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد الوطني، كونه يساهم في جوانب عدةٍ مهمة:
- تكوين رأس المال، فالبنوك تعبئ المدخرات الصغيرة للأفراد وتجعلها متاحة للاستثمارات الإنتاجية.
- إنشاء الائتمان الذي يساعد في توفير المزيد من الأموال للمشاريع التنموية، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج والتوظيف.
- توجيه الأموال للاستثمار الإنتاجي.
- الاستخدام الكامل للموارد لأغراض التنمية في مختلف المناطق.
- تشجيع الصناعات المناسبة عن طريق تقديم القروض للأشخاص والمشاريع المناسبة.
- سياسة سعر البنك تغيير أسعار الفائدة والتي يمكن أن يؤثر على المعروض النقدي ويساعد في التحكم بالتضخم.
- تسييل الديون البنكية حيث تُحول البنوكُ الديونَ إلى نقد مالي يمكن استخدامه في الأنشطة التجارية.
- التمويل للحكومة من خلال استثمار أموالها في الأوراق المالية الحكومية.
- تخلق البنوك فرص عمل جديدة عن طريق فتح فروع في مختلف المناطق.
بهذه الطرق، تساهم البنوك بشكل كبير في النمو الاقتصادي والاستقرار الاقتصادي للبلاد، ولكن تُظهر تحديات التقسيم وضعف الدولة إضافة للحرب المستمرة في سورية خسارتنا لقطاع البنوك وعدم القدرة على الاستفادة منه كرافعة للاستثمار والاقتصاد.
تأثير الحروب على القطاع البنكي:
لاشك أن الانقسامات تؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي، وهذا يمكن أن يؤثر سلبًا على القطاع المصرفي بعدة طرق، مثل تقسيم البنك المركزي في اليمن، حيث تضرر القطاع المصرفي بشدة جراء انقسام البنك المركزي في 2016 إلى فرعين متنافسين، ومثل اعتماد عملتين مختلفتين في مناطق النزاع، مما يخلق تحديات للبنوك في التعامل مع العملات والمعاملات المالية، إضافة إلى التأثير على السيولة والائتمان مما يعيق النمو الاقتصادي.
هناك مثالان قريبان منا يُظهران تأثير الانقسامات السياسية على القطاع المصرفي:
- اليمن كما ذكرنا سابقًا، انقسام البنك المركزي واعتماد عملتين مختلفتين.
- العراق، إذ السياسة النقدية والائتمان المصرفي تأثرت بشكل كبير بسبب الاضطرابات السياسية والنزاعات.
هذه الأمثلة تظهر كيف يمكن للانقسامات السياسية والنزاعات أن تؤثر على الاستقرار المالي والاقتصادي للدول، وبالتالي على قطاع البنوك الذي يعتبر عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد.
ويبقى أن المشاكل المصرفية ليست محدودة فقط للاقتصادات الضعيفة، في الواقع، الاقتصادات المتقدمة قد تواجه أيضًا تحديات مصرفية كبيرة، على سبيل المثال، ارتفاع أسعار الفائدة يمكن أن يكشف عن مواطن الخطر في بعض البنوك، وقد يؤدي إلى ضعف أكبر في النظام المصرفي في حالة فترة مطولة من التشديد النقدي، وقد تزداد كذلك خسائر القروض مع ارتفاع تكاليف الاقتراض على المستهلكين ومؤسسات الأعمال، بالإضافة إلى ذلك، باستثناء الصين، تضم الاقتصادات المتقدمة عددًا أكبر بكثير من البنوك الضعيفة مقارنة باقتصادات الأسواق الصاعدة، وهذا يعني أن البنوك في الاقتصادات المتقدمة قد تعاني من تصاعد أسعار الفائدة وتزايد حالات التوقف عن سداد القروض، واستمرار التراجع في أسعار الأوراق المالية.
لذلك، يمكن القول إن المشاكل المصرفية يمكن أن تؤثر على البنوك في جميع أنحاء العالم، سواء في الاقتصادات النامية أو المتقدمة، ويعتمد ذلك على مجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية والمالية.
واقع القطاع البنكي في شمال سورية:
القطاع البنكي في شمالي سورية يواجه تحديات كبيرة، خصوصاً ونحن نتحدث عن مناطق سيطرة المعارضة السورية، فالعقبات الرئيسية تشمل عدم الاعتراف القانوني بمؤسسات الحكومة السورية المؤقتة، والقيود القانونية والسياسية التي تحول دون إنشاء مصارف حكومية أو خاصة، إذ على الرغم من الدعم الدولي والإقليمي للحكومة السورية المؤقتة، فإن الجانب التركي لا يريد من جهة، وغير قادر على افتتاح أي بنك أو فرع لبنوك تركية في المنطقة بسبب القانون الدولي الذي يمنع ذلك!!، حيث تقتصر التعاملات المالية حاليًا على شركات ومكاتب الصرافة وتحويل الأموال، بالإضافة إلى خدمات محدودة تقدمها مكاتب مؤسسة البريد والشحن التركية.
ولتفعيل القطاع البنكي، من الضروري وجود حكومة رشيدة، وبنك مركزي ناظم، بالإضافة إلى تشريع قانون مصرفي حقيقي قابل للتنفيذ، وسلطة تنفيذية للقوانين، ومع ذلك، تظل هناك مخاوف من أن إنشاء البنوك في شمال غربي سورية قد يُنظر إليه كخطوة نحو الانفصال.
بالتالي، يمكن القول إن تفعيل القطاع البنكي في شمالي سورية يتطلب جهدًا مشتركًا ودعمًا دوليًا لتجاوز العقبات السياسية والقانونية الراهنة.
الأزمة السورية لم تؤثر فقط على شمال سورية، بل كان لها تأثيرات واسعة النطاق على مختلف مناطق البلاد، بما في ذلك القطاع البنكي المركزي، فالحرب والنزاعات أدت إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد السوري بشكل عام، وعلى القطاع المصرفي بشكل خاص.
تشمل التأثيرات الرئيسية للأزمة على القطاع البنكي ما يلي:
- عدم استقرار القطاع المصرفي، فالحرب أدت إلى تقليص حجم الخدمات التي تقدمها المصارف، وتغير أسعار الصرف، وأزمة السيولة والائتمان.
- تأثير سلبي على أداء المصارف الخاصة، حيث أظهرت دراسة باستخدام نموذج CAMEL أن السيولة وحجم الصرف يؤثران بشكل طردي في العائد على الأصول والعائد على حقوق الملكية، بينما جودة الأصول، وجودة الإدارة، والقدرة على الربح، والأزمة يؤثرون بشكل عكسي.
بالإضافة إلى ذلك، الأزمة السورية لها تداعيات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وقد أدت إلى تصعيد الانقسامات السياسية والمذهبية، وتصعيد التوترات، وانتشار الإرهاب في المنطقة بسبب فشل النظام السوري بإيقاف التدهور منذ اللحظة الأولى، لذلك، يمكن القول إن الأزمة السورية قد أثرت على القطاع البنكي في جميع أنحاء البلاد، وليس فقط في شمال سورية.
هناك العديد من الأمثلة على دول تأثرت بشكل كبير بالأزمات وانعكست تأثيراتها على القطاع المصرفي، أحد الأمثلة البارزة هو الأزمة المالية العالمية لعام 2007-2008، والتي بدأت في الولايات المتحدة وانتشرت إلى أسواق المال في أوروبا وآسيا ومنطقة الخليج العربية والدول النامية، تلك الأزمة أحدثت هزة عنيفة في قطاع البنوك وشركات العقارات الأميركية وبورصات العالم، وأدت إلى إفلاس العديد من البنوك العالمية الكبرى.
أزمة أخرى هي أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، التي بدأت في عام 2009 وأثرت بشكل خاص على اليونان، إيرلندا، البرتغال، إسبانيا وإيطاليا، هذه الأزمة أدت إلى تدهور الثقة في القطاع المصرفي وأثرت على الاستقرار المالي في تلك الدول!
هذه الأمثلة تظهر كيف يمكن للأزمات الاقتصادية والمالية أن تؤثر بشكل كبير على القطاع المصرفي، وذلك بغض النظر عن قوة الاقتصادات الوطنية.
ولكن هل هناك مثال بارز على دولة اضطرت إلى إعادة بناء قطاعها المصرفي بعد أزمة كبيرة؟! الجواب كما يظهر هو لبنان، إذ بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على نشوب أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخ لبنان، لا يزال الخلاف حول كيفية توزيع الخسائر المالية يمثل عقبة أمام التوصل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة، فالأزمة أدت إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة كبيرة، وانخفاض حاد في قيمة الليرة اللبنانية، ودخول معدل التضخم في خانة المئات، وتشير التقديرات إلى أن الخسائر المالية تعدت 72 مليار دولار أميركي، مما يجعل تعويم القطاع المالي أمرًا غير قابل للتطبيق، ويُعد لبنان من البلدان التي تضررت بشكل كبير من التضخم، خاصة على أسعار المواد الغذائية التي تؤثر بشكل خاص على الأسر الفقيرة والمحتاجة.
إذاً ليس من المهم أن ينجح الشمال السوري باستحضار القطاع البنكي، بل يجب أن نحمي الشمال السوري من أي انهيار يعود على شعبنا سوءاً ومعاناةً إضافية، فالقطاع البنكي كما هو معقّد فهو هش بالوقت ذاته، وكما هو مفيد فإن خطر تدهوره مُدمّر.
خطوات وحلول:
لتفعيل القطاع المصرفي في مناطق سيطرة المعارضة السورية، يمكن اتخاذ عدة خطوات استراتيجية تشمل:
- إنشاء بنك مركزي يعمل على تنظيم السياسة النقدية ويضمن استقرار العملة والأسعار.
- تطوير التشريعات المصرفية .وضع قوانين مصرفية تضمن الشفافية والحوكمة الرشيدة.
- تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية لتعزيز رأس المال في القطاع المصرفي.
- تعزيز الثقة في النظام المصرفي وبناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات المصرفية من خلال توفير الأمان للودائع والمعاملات المالية.
- تدريب وتأهيل الكوادر تطوير الكفاءات المحلية من خلال برامج تدريبية لتأهيل الكوادر العاملة في القطاع المصرفي.
- تحسين البنية التحتية التكنولوجية الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات لتحديث النظام المصرفي وتسهيل المعاملات الإلكترونية.
- تعزيز التعاون الإقليمي والدولي والبحث عن شراكات مع مؤسسات مالية دولية لدعم القطاع المصرفي.
- تأسيس مؤسسات مالية متخصصة عبر إنشاء مؤسسات مالية تعمل على تعبئة وتنظيم التمويل الرأسمالي.
إن هذه الخطوات وغيرها تتطلب جهودًا مشتركة وتنسيقًا بين مختلف الأطراف المعنية، وتحتاج إلى دعم دولي لضمان نجاحها واستدامتها.
ولكن مما يبدو أن معظم هذه الحلول غير واقعية بالكامل، ما يجعل من الضرورة البحث عن حلول بديلة أكثر واقعية.
حل واقعي:
بعد الاتفاق على صعوبة تأسيس قطاع بنكي في الشمال السوري، نحاول النظر في حلول بديلة تجعلنا نستفيد من إيجابيات القطاع المصرفي بشكل موافق لحالتنا السورية، إذ يمكن استغلال التقنيات الحديثة مثل البنوك الرقمية لدعم وتطوير القطاع المصرفي في شمال سورية، فالبنوك الرقمية توفر العديد من المزايا التي يمكن أن تساهم في تحسين الخدمات المصرفية وتعزيز الشمول المالي، خاصةً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. وهذ بعض الطرق التي يمكن من خلالها استخدام البنوك الرقمية:
- تحسين الوصول إلى الخدمات المصرفية، فالبنوك الرقمية تتيح الوصول إلى الخدمات المالية عبر الإنترنت، مما يسهل على الأشخاص في المناطق النائية أو المتضررة من النزاعات الوصول إلى هذه الخدمات.
- خفض التكاليف التشغيلية، من خلال عدم الحاجة إلى الفروع الفعلية والبنية التحتية المُكلفة، مما يخفض التكاليف العامة للمصارف.
- تعزيز الشمول المالي، حيث يمكن للبنوك الرقمية أن تساعد في توسيع نطاق الشمول المالي من خلال تقديم خدمات مالية للأشخاص الذين لا يملكون حسابات بنكية تقليدية.
- تحسين جودة الخدمة فالبنوك الرقمية تُتيح تقديم خدمات مصرفية عالية الجودة ومنخفضة التكاليف، وتسهيل الاتصال بالعملاء.
- زيادة الكفاءة والفعالية من خلال تلبية احتياجات العملاء على مدار الساعة.
كما أن البنوك الرقمية تُعتبر آمنة بشكل عام، وذلك بفضل التدابير الأمنية المتقدمة التي تتخذها لحماية البيانات والمعاملات المالية، حيث تستخدم البنوك الرقمية تقنيات مثل التشفير والتحقق متعدد العوامل لضمان أمان الحسابات، كما أنها توفر خدمة عملاء على مدار الساعة للتعامل مع أي استفسارات أو مشكلات قد تظهر.
ومع ذلك، من المهم للمستخدمين أن يتخذوا الاحتياطات الشخصية اللازمة، مثل استخدام كلمات مرور قوية وعدم مشاركة المعلومات الشخصية، للمساعدة في الحفاظ على أمان حساباتهم.
كما هناك العديد من الأمثلة على تطبيق البنوك الرقمية في دول مختلفة حول العالم مثال ذلك: - المملكة المتحدة تعتبر بنوك مثل Revolut و Monzo من البنوك الرقمية الرائدة التي تقدم خدمات مصرفية مبتكرة ومرنة.
- في ألمانيا يعد N26 من البنوك الرقمية الشهيرة التي توفر خدمات مصرفية كاملة عبر منصات رقمية.
- في الصين AiBank وهو مشروع مشترك بين CITIC Bank Corp وشركة Baidu حيث يُقدم خدمات مصرفية تدمج بين التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي.
- في الإمارات العربية المتحدة PayIt وهو بنك رقمي يقدم مجموعة كاملة من المنتجات المصرفية عبر تطبيقات الهواتف الذكية.
هذه الأمثلة تظهر كيف أن البنوك الرقمية قد أصبحت جزءًا مهمًا من النظام المصرفي العالمي، وتقدم حلولاً مبتكرة لتحديات الخدمات المصرفية التقليدية، فلماذا لايتم الاستفادة منها؟
إذ يمكن للمعارضة السورية أن تستفيد من الأمثلة العالمية في تطوير قطاع المصارف، خاصةً في ظل التحديات الراهنة، فالبنوك الرقمية والتكنولوجيا المالية (FinTech) تقدم نماذج مبتكرة يمكن تكييفها مع السياق السوري لتحقيق الأهداف التالية: - تعزيز الشمول المالي واستخدام البنوك الرقمية لتوفير الخدمات المصرفية للأشخاص في المناطق الأكثر تضررًا من النزاعات.
- تحسين الخدمات المصرفية عبر تقديم خدمات مصرفية أكثر كفاءة وأقل تكلفة من خلال الحلول الرقمية.
- تشجيع الابتكار المالي وتطوير منتجات وخدمات مالية جديدة تلبي احتياجات السوق السورية.
- تحقيق الاستقرار المالي عبر استخدام التكنولوجيا لتحسين إدارة المخاطر والحوكمة في القطاع المصرفي.
من المهم أن تأخذ المعارضة السورية بعين الاعتبار البيئة التنظيمية والبنية التحتية التكنولوجية والاحتياجات الخاصة للسكان عند تطبيق هذه النماذج. كما يجب العمل على تطوير القدرات المحلية وتعزيز الشراكات مع الجهات الفاعلة الدولية لضمان نجاح واستدامة القطاع المصرفي الرقمي.
كما يمكن للمعارضة السورية الاستفادة من الخبرات والتقنيات المتقدمة للبنوك التركية والقطرية لتطوير البنوك الرقمية في شمال سورية، فالبنوك التركية لها حضور بالفعل في شمال سورية، وقد تم استخدام الليرة التركية كعملة للتداول في بعض المناطق. هذا يعني أن هناك بالفعل تعاونًا ماليًا واقتصاديًا بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية وتركيا.
لذلك، يمكن للمعارضة السورية الاستفادة من الخبرات والتقنيات البنكية التركية والقطرية أيضا لتطوير البنوك الرقمية في شمال سورية، ولكن سيكون من الضروري التغلب على التحديات التشريعية والتقنية لضمان نجاح هذه الجهود.
أبرز التحديات التشريعية والتقنية التي قد تواجه إطلاق البنوك الرقمية في شمال سورية تشمل:
- الغطاء التشريعي، حيثُ الحاجة إلى بنية قانونية وتشريعية ملائمة ومتكاملة لاستقبال البنوك الرقمية وتحديد المسؤوليات وأساليب التحقق.
- أمن المعلومات، عبر تأمين أنظمة أمن المعلومات المتطورة لحماية البيانات الشخصية والمعاملات المالية من الهجمات الإلكترونية.
- تطوير البنية التحتية التكنولوجية لدعم الخدمات الرقمية.
- التحديات السيبرانية ومواجهة مخاطر الأمن السيبراني وضمان خصوصية البيانات للحفاظ على ثقة العملاء.
- الامتثال للتشريعات وضمان الإجراءات والضوابط اللازمة للتعرف على العملاء وفقًا للمتطلبات التشريعية النافذة.
- التحديات الاقتصادية وضرورة التغلب على العقبات الاقتصادية والحصار الذي يؤثر على استقدام التجهيزات الضرورية.
إن هذه التحديات تتطلب جهودًا مشتركة وتعاونًا بين الجهات المحلية والدولية لتحقيق بيئة مواتية لإطلاق البنوك الرقمية في شمال سورية.
ومن المثير أنه لا يوجد تجارب محددة لتطوير البنوك الرقمية في مناطق شبيه بالوضع السوري، ولكن هناك تجارب ناجحة في مناطق أخرى يمكن أن تقدم نماذج قيمة للمعارضة السورية للاستفادة منها، على سبيل المثال، في دول الخليج العربي، تم اتخاذ خطوات كبيرة في تحويل الأساليب الرقمية والتحليلية في القطاع المصرفي، كما أن البنوك الرقمية تعتبر جزءًا من التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية، وهي تتطور ضمن إطار رؤية المملكة 2030.
مما يظهر أن البنوك الرقمية يمكن أن تنجح في بيئات مختلفة، ويمكن للمعارضة السورية دراسة هذه النماذج والاستفادة من الدروس المستفادة لتطوير البنوك الرقمية في مناطقها، والاتصال مع الدول للاستفادة من تجاربها.
خاتمة:
من خلال كل ما ذُكر، فإننا في المكتب الاقتصادي لـِ تيار المستقبل السوري نوصي بثلاثة أمور:
أولا: الاهتمام باقتراح هذه الدراسة وأخذها على محمل الجد، حيث أننا نراها خطوة مهمة لتغيير الواقع الاقتصادي والذي يجب ألا يرتبط بالحلول السياسية الكاملة لكل سورية، خصوصاً مع تعنت النظام السوري وحلفاءه لقبول أي حل.
ثانيا: نوصي بالاستفادة من البنوك الرقمية وتفعيلها في شمال سورية، عبر اتباع الخطوات التالية:
- تطوير البنية التحتية التكنولوجية وتأسيس بنية تحتية قوية للاتصالات والإنترنت لضمان وصول الخدمات الرقمية لجميع المستخدمين.
- التشريعات والأنظمة وضرورة وضع إطار تشريعي يدعم الخدمات المصرفية الرقمية ويحمي حقوق المستخدمين.
- الشراكات الإقليمية، والتعاون مع البنوك التركية والقطرية للاستفادة من خبراتهم وتقنياتهم في مجال البنوك الرقمية.
- التدريب والتأهيل للكوادر المحلية على استخدام وإدارة الخدمات المصرفية الرقمية.
- الأمان السيبراني وتأمين الحماية الكافية للبيانات والمعاملات المالية للحفاظ على ثقة المستخدمين.
- التوعية والتثقيف عبر إطلاق حملات توعية للجمهور حول فوائد واستخدامات البنوك الرقمية.
- الخدمات المبتكرة عبر تقديم خدمات مصرفية رقمية جديدة تلبي احتياجات المستخدمين في شمال سورية.
من خلال هذه الخطوات، يمكن تفعيل البنوك الرقمية في شمال سورية والاستفادة منها لتحسين الوضع الاقتصادي والمالي في المنطقة.
ثالثا: أخيراً، فإننا نوصي بشدة على عقد اجتماع يرعاه الإئتلاف الوطني أو الحكومة المؤقتة للنُخب الاقتصادية السورية والعربية ومشاركة الأمم المتحدة والدول الصديقة، لتقديم رؤيتهم حول هذه الدارسة التي صدرت عن مكتبنا الاقتصادي لـِ تيار المستقبل السوري.
عمار العموري
المكتب الاقتصادي
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري