الكرَّار الظّاهر
الكرَّار الظاهر :
إن مفهوم الكرّار يرسم تصورا خيالياً في دماغنا عن الفارس الممتطي حصانه والمقبل على عدوه كالبرق وقد اعتاد ذلك , فكلما حضر القتال وحضر العدو ينبري ذلك المقدام وينفر متقدما الجَمْع ويبادر بالتصدي والهجوم , وعنه وصف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالكرار
أما اليوم فأرى أن مصطلح الكرار قد كثرت مواضعه واستخداماته ,
لنجرد المصطلح عن القتال ونعممه على المشاكل والتحديات التي يكون القتال أحدها ,
فالكرارون: هم تلك الجماعة التي تواجه المشاكل فتتقدم على غيرها في الظهور لمواجهة التحديات ويكون لها سبق التصدي للمشكلة وقبول التحدي ودخول الصراع الدوري معها بشكل منتظم ومخطط له على المستويين الجزئي والكلي.
وعند النجاح يساعدون من يليهم وإن فشلوا عاودوا الكرّة في البروز وقد تراكبت خبراتهم وتمكنت خطواتهم, يشجع بعضهم البعض, يفجرون طاقات بعضهم ويوجهونها من جديد بطريقة جديدة , لايؤثر فيها الفشل السابق , وليس لديهم تقرحات نفسية من الذاكرة المرتبطة بعمليات الماضي الفاشلة وهزائم المعارك السابقة ,
وتكون الكرّة الجديدة قد تراكبت معها الخبرة والدقة والإخلاص , فتحدث أثرها في المشكلة.
إنهم يفكرون بالغد الناجح ويعملون للنصر ويدفعهم لذلك المحرك الداخلي الذي يستمد قوته من التفوق الأخلاقي والحضاري والتنظيمي والإيمان العميق بالنصر ,
, فإن استمر الكرّارون وتتابعت كرّاتهم على التحدي وتراكمت آثارهم في المشكلة فإن المشكلة ستبدأ بالتصدع والتفكك ,
وعلى الكرّارين أن لا يهملوا فكاك المشكلة الكبيرة حين يفككونها , لأن فكاكها هو مشاكل صغيرة تحتاج منهم البحث في بنيتها حتى لا تتراكم بعد فترة مشكلة جديدة تظهر في شكل جديد,
فقد يكون سبب الجوع هو انتشار الفأر في حقول القمح وتكون الكرّة على الفأر مفيدة لعامهم أو مثله , لكن لو بحث الكرّارون في سبب انتشار الفأر لوجدوا أسباب كثيرة وصغيرة ,
قد تتراكم تلك الأسباب مرة أخرى وتتكامل في ظهور نفس المشكلة في حقول البطيخ .
0001000
الكرارهو ذلك الألف الشامخ بين كل الأصفار حوله
كن أنت ذلك الكرار.
عن ثوبان (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ليس شيءٌ خيٌر من ألفٍ مثلَهُ إلا الانسان) (1)
فالآلة التي تحمل نفس المواصفات ومصنوعة من نفس المواد وبنفس القدرة تساوي مثيلتها أو تزيد قليلا , وذلك حسب السعر والسوق ,
كذلك الروبوتات الغبية التي تتقن الطاعة والتنفيذ , وهكذا .
أما الإنسان فخلق مكرم ودماغ يفكروعقل يبتكر ولب يؤمن وتصميم يريد , فقد تجعل طريقة تفكيرك منك شخصا بألف شخص من مثلك , بحجمك وعمرك ومواصفاتك , وكذلك الايمان , فقد يكون إيمانك بإيمان ألف من مثلك , وكذلك العزيمة والإرادة , فلا يستوي المنهزم مع من يعقد العزم ويمسك بالارادة , كما لا يستوي العالم والجاهل ولا يستوي العاطل والعامل .
يقول ابن دريد البصري : والناسُ ألفٌ منهمُ كواحدٍ وواحدٌ كالألفِ إنْ أمْرٌ عَنَا (2)
وعند الشدة يقف الفارس بين الأصفار ليكون كألف من ممثله ويكون أمره جمعاً قُدُمُا , لا يشوشه صمتهم ولا يتخلى بسبب ضعف امكاناتهم , ويدرك أن كرامتهم وقيمتهم مستمدة من القيم والأخلاق التي يتحلون بها , لأنه يدرك ويميز وقلبه لا يغفل عن الله .
فالأمر موقف ووقوف أيها الفارس المأمول.
قف كما وقف إبراهيم عليه السلام ليجعل الأصنام أصفار خلفه لا قيمة لها ,
واجعل تأثير السلبيات المادية والمعنوية عليك كالأصفار خلفك , وحاول أن تنقلها إلى الأمام أو تنقل نفسك إلى الخلف , فالموقع قد يحتاج إلى تغيير أو ترقي لتكون أمامك وتحت أنظار البحث والحل , لتكون لها قيمة وبالتالي تزيد من قيمتك , وتكون أنت ألفا كما كان إبراهيم أمة .
قفي كما وقفت خديجة بنت خويلد بجانب الزوج الرسول لتكون أحد عشر ألفا ,
فوقوفك بجانب زوجك في السراء والضراء 11 سيكون أحد عشر , وبقدر ماتحولون من السلبيات إلى الايجابيات تضعون أصفارا أمامكما وتكون القيمة أعلى.
كتبه جعفر الصادق طحان 15/6/2021
مقال تحفيزي رائع
بارك الله فيك