الأخبارالمكتب العلميباحثون مستقلوند. باسل معراوي

الإستبداد في سورية والإحتلال في فلسطين..

يُشكّل الإستبداد والإحتلال إحدى الظواهر الشائعة والتي سادت المجتمعات البشرية ولازالت قائمة إلى يومنا هذا …وقد يكون أحدهما سبب للاخر أو يساعد في حدوثه…فكثير من النظم المّستبدة في مجتمعاتها كان نتيجة سلوكها هو إستدعاء إحتلالات لقوى خارجية وحكمها لتلك المجتمعات مباشرةً أو عبر النظام نفسه بعد تجريده من كل أدوات القوة لديه وإبقائه في الصورة شكليا وممارسة حكم تلك الدول من خلاله…وهذا ماحدث في سوريا وبشكل خاص بعد إنطلاق الثورة السورية في عام 2011…
حيث تُعاني سوريا الآن من نظام مُستبد مع وجود إحتلالات خارجية…
عطّل إستبداد حكم آل الأسد لسوريا والذي تجاوز النصف قرن كل إمكانات وطاقات الشعب السوري لكي يَضمن إستمرار بقائه في السلطة وتحت دعاوى وشعارات مّتعدّدة …حيث خسر كل معاركه العسكرية والحضارية مع دولة الإحتلال الإسرائيلي وهو مازال يرفع لواء تحرير الأراضي السورية والعربية المحتلة …وبعد الإستقلال السوري بدات في عهده مسيرة إحتلال أراضٍ من سوريا بدأت بالجولان عام 1967 لنتهي بإحتلال معظم الأراضي السورية في وقتنا الحاضر.. ….
وكان من أهمّ الشعارات التي رفعها شعار التحرير والصمود والتصدي للعدو الصهيوني وقام على إثر ذلك بتشكيل جيش ضخم وفرض جندية إجبارية على الشباب السوري وسَخّر موارد الدولة المحدودة في الإنفاق عليه واعتقد أنّه سيكون سياجاً منيعاً لحكمه وحمايته من شعبه….
خاض هذا الجيش معارك صورية مع العدو الإسرائيلي في 1973 في الجولان و1982 في لبنان وكان هذا الجيش قد خسر هضبة الجولان عندما كان قائده الاول حافظ الأسد عام 1967 وكانت معارك جيش الأسد الكبرى بإشتراكه في الحرب الأهلية اللبنانية حيث حارب الجميع وتحالف مع الجميع وخاصة معاركه ضد المقاومة الفلسطينية وأقساها مجزرة مخيم تل الزعتر للاجئين. وبعدها خاض جيش الأسد معارك ضارية في الشمال اللبناني عام 1983 لطرد ماتبقى من مقاومة فلسطينية مع قائدها الراحل ياسر عرفات…ثم خاض معارك بداية الثمانينات مع الشعب السوري تَوّجها بمجزرة حماة …وحارب تحت المظلة الأمريكية في حرب تحرير الكويت …..ومارس الأسد الإبن سياسة والده إلى حين حدوث اللحظة الحقيقية والتي تم بناء جيش الاسد استعدادا لها عند اول صرخة للحرية إنطلقت من حناجر الشباب السوريين في منتصف آذار 2011 حيث كان جيش الأسد عدواً للشعب منذ اليوم الأول وأمعن في إطلاق الرصاص على الصدور العارية
وكذلك كان جيش الاحتلال الإسرائيلي ..جيش تَمّ بناء دوله له …حيث مارس ذلك الجيش كلّ الأعمال الوحشية بِحقّ أصحاب الأرض من الفلسطينيين وكان معظم ضحاياه من المدنيين الفلسطينيين ..وبالطبع كان مثل جيش نظام الأسد له دور وظيفي في خدمة أجندات غربية
كان سلوك ميليشا الأسد منذ إنطلاق الثورة السورية إغتيال البُعد المدني للثورة وهو من أهمّ أسباب إستمراها ضِدّه…فكان إغتيال الناشطين او اعتقالهم أو تهجيرهم والذين يُشكّلون إضافة مُهمّة لثورتهم من أولى الأولويات ونجح في ذلك حيث لم تَتَشكّل قيادة ميدانية للحراك الثوري …وتلك سياسة يُمارسها العدو الإسرائيلي متذ نشأته فقد كانت الإنتفاضات المدنية السلمية داخل فلسطين التاريخية هي اخطر ما واجهه من تهديد وتم قتل المدنيين بِكلّ قسوة ومازال رموز تلك الإنتفاضات الذين نجوا من القتل في سجون الإحتلال..
ومارس جيش الإحتلال سياسة إغتيالات الكوادر الفليطينية الخطرة عليه في الخارج واختتمها بإغتيال الرئيس ياسر عرفات
كان سلوك ميليشيا الأسد تدمير كل البنى التحتية المدنية للثورة السورية واهمها المستشفيات والمراكز الطبية وذلك للنيل من إرادة الصمود والتحدي للجمهور الثائر ..وهو نفس النهج الذي بدأ فيه جيش الإحتلال بإستهداف المشافي الطبية تحت حُجَج وذرائع واهية كوجود أنفاق ومراكز قيادة تحتها وتخزين السلاح فيها واعتبارها دروعا بشرية…وتَمّ من أولويات الحرب على غزة تدمير تلك المستشفبات وكانت المجزرة الكبرى التي هَزّت الضمير الإنساني في المشفى الأهلي المعمداني ثم مشفى الرنتيسي وليس آخرها مشفى الشفاء والذي عجز جيش الإحتلال بعد السيطرة عليه من إبراز دليل واحد يَدعَم إدّعاءاته السابقة ويُبرّر به أفعاله….
كانت سياسة الحصار الخانق جوهر أفعال ميليشيا الأسد ضِدّ مناطق الثورة وكانت تحت شعار الجوع أو الركوع وذلك للنيل ايضاً من إرادة المقاتلين ووهن عزائمهم وقد عانت كُلّ المناطق السورية والتي أعادت ميليشيا الأسد إحتلالها من تلك السياسة بإجبار السكان والمقاتلين على القبول بالتهجير القسري …
وهذا ما تعمل عليه قوات الإحتلال الإسرائيلي في حربها على غزة حيث بالإضافة الى كون القطاع محاصرا منذ 2007 ..عمدت فورا بعد عملية طوفان الأقصى..إلى منع وصول أي مساعدات غذائية أو طبية وقطعت المياه وشبكات الكهرباء والوقود عنه في السير على منهاج ميليشيا الأسد باسقاط المناطق الثائرة عليه لجعلها مناطق غير قابلة للحياة فيها.
وللحقيقة فقط كانت دولة الإحتلال أكثر رأفة بالمعتقلين لديها حيث كانت تُوفّر لهم قدراً من حرية الدفاع عن أنفسهم والإتصال الدوري بذويهم وزيارتهم لهم مع ظروف إعتقال أفضل بكثير…وقد شاهدنا صور المُفرج عنهم أخيراً من سجون دولة الاحتلال والذين أمضوا سنوات طويلة وبالمقارنة مع من بقي حياً ممن قضى سنوات في سجون الأسد كان يَخرج بحال أسوأ بكثير وغالباً ما يُعاني المُفرج عنه من أمراض مُزمنة وإعاقات دائمة ومنهم من يَفقد كثيراً من قدرات جهازه العصبي وقدراته العقلية…حيث يروي المفرج عنهم رويات يشيب من هولها الولدان وما رايناه من صور الشهداء التي صَوّرها وَوَثّقها قيصر في مسلخ صيدنايا مشهداً لايُقارن به أي مشهد آخر عن مآلات المعتقلين لديه
وقد خصّص نظام الأسد فرعاً أمنياً خاصاً للأخوة الفسطينين سيئ الصيت وتُمارس كُلّ الأفعال الوحشية فيه… وبحسب ماوثّقته مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا..فإنّه يوجد ( 3076 )فلسطيني معتقل ( إخفاء قسري ) في سجون نظام الأسد والتي شهدت إستشهاد ( 643 ) فلسطيني تحت التعذيب…وآلاف المفقودين في مخيم اليرموك بعد حصاره وتدميره…
وبالتأكيد مصير الإستبداد والإحتلال إلى زوال في منطقتنا العربية …حيث خضعت تلك المنطقة لكل انواع واشكال الاحتلال عبر التاريخ وزالت …وكذلك كان الربيع العربي في موجته الأولى والتي بدأت عام 2011 إيذاناً بعصر جديد للتخلص من الإستبداد الشرقي التاريخي ومازالت الثورة السورية هي المنارة لتحقيق ذلك وبالوقت نفسه لازالت إرادة الشعب الفلسطيني للتحرر من الإستعمار …هما الأمل في المنطقة للتحرر من الإستبداد والإحتلال.

الكاتب والمحلل السياسي د.باسل معراوي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى