المكتب العلميقسم البحوث و الدراساتكاتبوا التيارمقالاتمكتب شؤون الأسرةوهيبة المصري

وقرن في مجتمعاتكن!

كلما أتينا إلى النساء نحدثهن عن ضرورة دخولهن في المجتمع بكل أبوابه السياسية والاقتصادية والتعليمة وغيرها، يصفعنا بعض رجال الدين من جهة، وعقلية ذكورية متخلفة من جهة ثانية!
فنكون هنا وكأننا أمام سكة مغايرة عن الدين ! بل ربما تحتاج منا توبة حسب زعمهم وفهمهم !
هذا الاتهام يجعلنا نستفرغ جهدنا في الذب عن إيماننا ورؤيتنا للدين، وفهمنا للأمور بما يخالف تصوراتهم الدينية!

هنا نتساءل؟ لماذا لا يكون لدينا طريق ثالث؟
طريق يعترف بأن عصرنا الاجتماعي بات يكسر العقلية الذكورية، وينقلنا إلى مفاهيم أكثر ليبرالية وانفتاحاً، ويؤمن بسورية وتاريخها وحضارتها، وبنفس الوقت يتمسك بالمقاصد الدينية.
لم لا نحاول إيجاد علاقة تصالحية بين الفريقين على قاعدة (فصل المقال، فيما بين الحكمةِ والشريعةِ من اتصال).
وبذلك يكون معنى قوله تعالى {وقرنَ في بيوتكنّ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} كما نقل الكاتب محمد توفيق صدقي في مجلة المنار ج13، ص 771 : “قال بعض أهل النظر: إن الأمر بالقرار في البيوت هو خاص بنساء النبي؛ لعدم حاجتهن للخروج في تلك الأزمنة؛ ولوجودهن في بيوت خاوية في ذلك الوقت قليلة السكان”.
وبذلك نفهم أن الخطاب ليس لكل النساء، وحتى لو كان كذلك، فلا يكون الخطاب لكل النساء في كل العصور!
يمكن فهم الآية مثلاً عن نساء في قرية نائية تحفها مخاوف كثيرة، فيكون رفض خروجها حمايةً لها لا إكراهاً، كتلك المناطق التي تفتقر للأمن في بعض القرى السورية والتي تحفها حواجز تشبيحية من طرفي النظام السوري أو المعارضة.
وفي هذه الحال، لماذا لا يكون الاهتمام بفرض حماية المرأة وضرورة صيانتها من التعدي، بدل منعها من الخروج إلى للمجتمع لتكون لبنة بناء وتساهم في معافاة المجتمع!

إن على رجال الدين من المتنورين واجب كبير في محاولة قراءة عصرية للتراث الفقهي، والعمل على تعميم رؤاهم وفهمهم، قراءة معاصرة تدعم جهد نساءنا السوريات جميعهن، وتطمئن المسلمات منهن لسلامة دينهن وعقيدتهن، خاصةً وقد ملأن الآفاق والبلاد كلها، فلا يبقين بحالة انفصام بين الدين والواقع، أو حالة رفض للواقع وتقوقع في البيوت!

وعلى التيارات والنخب السورية دعم حقوق المرأة السورية واحترامها والبحث عن سبل رفع الظلم عنها، وليس مراعاة العقلية الذكورية أو الفتاوى الدينية المتخلفة المقبولة أو المفروضة في زمانها ومكانها.

إننا في تيار المستقبل السوري نجد أنّ على المرأة أن تأخذ دورها الحقيقي والمركزي للمشاركة الندية المحترمة والأخلاقية كإنسان حرٍ كريمٍ، وأن تتفاعل ضمن حدود الأخلاق والقانون والحقوق والواجبات، وأن تطالب بالحصول على حقوقها التي سبقتها إليها غالب نساء الكرة الأرضية بما يضمن عزتها وكرامتها وموقعها في المجتمع، وأن تشارك بالحياة وتتفاعل مع التحديات، وبعبارة أخرى: أيتها النساء السوريات مجتمعكنّ يحتاجكنّ، فَقَرنَ في مجتمعاكنّ فأصلحنَه ليُبنى تحت نظركنّ (بعقولكنَّ وسواعدكن).

وهيبة المصري
مكتب شؤون الأسرة
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى