تصعيد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ضد الحكومة السورية الانتقالية

الملخص التنفيذي:

يشكل تصعيد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024 تحدياً أمنياً رئيسياً للحكومة الانتقالية.
يقدم هذا التقرير تسلسلاً زمنياً دقيقاً للهجمات، مع تحليل موضوعي للأسباب والتأثيرات، وسيناريوهات متوقعة. كما يناقش تأثير هذه التهديدات على التنمية السورية، مع التركيز على استغلال أعداء الحكومة لورقة داعش. يُوصى بتعزيز التعاون الدولي والإصلاحات الداخلية لضمان الاستقرار، مع النظر في جوانب العدالة والثقافة لدعم التنمية المستدامة.

المقدمة:

بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، شهدت سورية تحولاً سياسياً جذرياً مع تشكيل حكومة انتقالية تحت قيادة أحمد الشرع (المعروف سابقاً بأبو محمد الجولاني)، الذي سعى إلى دمج فصائل سابقة وإقامة نظام يعتمد على التعاون الدولي.
ومع ذلك، أدى هذا الفراغ الأمني إلى إعادة تنظيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي بدأ باستهداف الحكومة الجديدة بشكل مباشر اعتباراً من مايو 2025م.
تعتمد هذه الدراسة على بيانات موثقة من مصادر دولية وعربية مثل الجزيرة ومراقبين أمنيين، ويهدف إلى تقديم تسلسل زمني دقيق للهجمات، مع تحليل موضوعي للأسباب والتأثيرات، وسيناريوهات محتملة لمواجهة الحكومة الانتقالية لداعش.
كما يناقش كيفية استغلال أعداء الحكومة (مثل إيران، روسيا، وقوات سوريا الديمقراطية – قسد) لورقة داعش كأداة للضغط أو الإضعاف.

التسلسل الزمني للهجمات:
يُقسم التسلسل إلى فترتين:
قبل انضمام سورية إلى التحالف الدولي ضد داعش (11-13 نوفمبر 2025)، وبعده.

خلال الفترة الأولى، كانت الهجمات محدودة وتركز على إعادة بناء القدرات، بينما شهدت الثانية تصعيداً كرد فعل على التعاون السوري-الأمريكي.
وقد سجل داعش حوالي 117 هجوماً في سورية بحلول أغسطس 2025م، معظمها في الشمال الشرقي.

أولاً, الفترة قبل الانضمام (ديسمبر 2024 – 10 نوفمبر 2025):

  • 22 مايو 2025: هجوم مسلح في ريف دير الزور أسفر عن مقتل أربعة جنود تابعين للحكومة الانتقالية.
    يُعتبر هذا أول هجوم مباشر بعد سقوط الأسد، مع تركيز على استغلال الفراغ الأمني في المناطق الشرقية.
  • 30 مايو 2025: تبنى داعش تفجيراً بقنبلة على مركبة عسكرية في ريف حمص، ما أسفر عن مقتل اثنين من العناصر، وأعلن التنظيم أن هذا "أول هجوم على قوات الحكومة السورية الانتقالية"، مشيراً إلى بداية حملة جديدة ضد "الردة".
  • 23 يونيو 2025: تفجير انتحاري في دمشق أسفر عن إصابات في صفوف قوات الأمن الحكومية، مع مقتل ثلاثة عناصر، وقد تبنى داعش الهجوم كرد على "التعاون مع الكفار".
  • 17 مايو 2025 (إضافة من تحقيقات لاحقة): مداهمة لمخبأ داعش في حلب كشفت عن زي رسمي لقوات الأمن الحكومية، ما يشير إلى محاولات للتسلل أو اختلاق هجمات لإلصاقها بالحكومة.
  • 18 أغسطس 2025: تفجير انتحاري قرب مخبز في حي الميسر بحلب، أسفر عن مقتل اثنين من عناصر الأمن، وقد تبنى داعش الهجوم لاستمرار حملته ضد "الردة".
  • 20 أغسطس 2025: مقتل قيادي كبير في داعش بعملية أمريكية، لكن الهجمات استمرت، مع تسجيل 117 هجوماً إجمالياً حتى نهاية أغسطس.
  • سبتمبر – أكتوبر 2025: هجمات متفرقة على طريق M5 بين حلب وإدلب، بما في ذلك كمائن أسفرت عن إصابات في صفوف القوات الحكومية، مع ارتفاع في النشاط لاستغلال التوترات مع قسد.

ثانياً، الفترة بعد الانضمام (11 نوفمبر 2025 – 14 ديسمبر 2025):
أدى الانضمام إلى التحالف الدولي (الذي أصبحت سورية العضو الـ90 فيه) إلى تصعيد، مع تركيز على أهداف مشتركة مع القوات الأمريكية.

  • 25 نوفمبر – 2 ديسمبر 2025: هجوم في سراقب (شرق إدلب) أسفر عن مقتل جندي حكومي، وقد تبنتها داعش كرد على الانضمام.
  • 2-9 ديسمبر 2025: هجمات على طريق M5، بما في ذلك استهداف ميليشيات سابقة للأسد، ما أسفر عن مقتل عنصر.
  • 13 ديسمبر 2025: كمين في (حمص) استهدف لقاءً مشتركاً بين قوات أمريكية وحكومية، أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين وإصابة سوريين. أعلن الرئيس الأمريكي رد قوي حينها.
  • 14 ديسمبر 2025: هجوم على مجموعة أمن الطرق قرب معرة النعمان (جنوب إدلب)، أسفر عن مقتل أربعة عناصر. يُعتقد أن داعش مسؤول عنها، في سياق التصعيد بعد حمص. التحليل الموضوعي:
    يعكس التسلسل تحولاً استراتيجياً لداعش من التركيز على قسد إلى استهداف الحكومة المركزية، خاصة بعد الانضمام إلى التحالف الذي يُنظر إليه كتهديد وجودي.

أسباب التصعيد تشمل:
(1) استغلال الفراغ الأمني الناتج عن دمج ميليشيات سابقة غير موثوقة.
(2) رد فعل على التعاون السوري – الدولي، الذي أدى إلى 22 عملية مشتركة في نوفمبر 2025.
(3) محاولة إثارة الطائفية لإضعاف الوحدة الوطنية، كما في محاولات التسلل بزي حكومي سواء بالساحل أو بالسويداء.

تشمل التأثيرات زيادة الخسائر البشرية (حوالي 20 قتيلاً من الحكومة حتى الآن)، وزعزعة الاستقرار، مما يعيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية.

موضوعياً، يظهر التصعيد أن داعش ما زال قادراً على التكيف، لكنه أضعف من ذروته في 2014-2017، مع اعتماد على كمائن وتفجيرات بدلاً من السيطرة الإقليمية.

تأثير التهديدات على التنمية السورية:

يمتد تأثير نشاط داعش إلى ما بعد الأمن، حيث يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي سياق انتقالي، يؤدي التصعيد إلى تأخير مشاريع إعادة الإعمار، مثل ترميم البنية التحتية في المناطق الوسطى، ما يفاقم البطالة والفقر. كما يهدد العدالة الانتقالية بتعزيزه الطائفية، ما يعيق دمج المجتمعات المتنوعة ويضعف الثقافة الوطنية المشتركة.
ووفقاً لتقارير دولية وعربية، قد يؤدي ذلك إلى انخفاض في الاستثمارات الأجنبية بنسبة تصل إلى 30%، مع تأثير سلبي على التعليم والصحة، حيث يجبر الهجمات على إغلاق مدارس ومستشفيات في المناطق المتضررة، كما يتطلب ذلك استراتيجيات تنموية تركز على العدالة الاجتماعية والحفاظ على التراث الثقافي لتعزيز الوحدة السورية.

سيناريوهات متوقعة أمام الحكومة الانتقالية:

  1. سيناريو إيجابي (احتمال 40%): تعزيز التعاون الدولي يؤدي إلى هزيمة داعش، مع دعم أمريكي يشمل تدريباً واستخبارات، ما يقلل الهجمات بنسبة 50% بحلول 2026.
    ويتطلب ذلك إصلاحات أمنية داخلية لمنع التسلل.
  2. سيناريو محايد (احتمال 35%): استمرار الهجمات المحدودة في المناطق الريفية، مع توازن بين الضربات الدولية وإعادة تنظيم داعش، ما يؤدي إلى حرب استنزاف تستمر لسنوات.
  3. سيناريو سلبي (احتمال 25%): تصعيد إلى هجمات حضرية كبيرة إذا فشلت الإصلاحات، ما يؤدي إلى انقسامات طائفية وانهيار الحكومة، خاصة إذا استغلت داعش التوترات مع قسد أو إسرائيل.

توقع استغلال أعداء الحكومة لورقة داعش:

أعداء الحكومة، مثل إيران (التي تدعم ميليشيات سابقة للأسد) وروسيا (التي انسحبت جزئياً لكنها تحافظ على نفوذ)، قد يستغلون داعش لإضعاف المرحلة.
على سبيل المثال، وقد تقوم إيران بتسهيل تسلل داعش بين العراق وسورية، ومناطق نفوذها السابق شرقاً لإثارة الفوضى، مما قد يبرر عودتها كـ"حامية للشيعة".
كما أن روسيا قد تنشر شائعات عن "فشل" الحكومة في مكافحة الإرهاب لدعم عودة شخص مقرب من الأسد أو حليف لها.
كذلك، قد تستفيد قسد من الهجمات لتعزيز مطالبها بالحكم الذاتي، مما يقسم سورية.
هذا الاستغلال يعتمد على استراتيجية "العدو المفيد"، حيث يُستخدم داعش كأداة غير مباشرة للضغط السياسي، مما يزيد من مخاطر الانهيار الداخلي. الخاتمة:
يظهر التسلسل أن داعش يمثل تهديداً مستمراً للحكومة الانتقالية، لكنه قابلٌ للحد منه من خلال التعاون الدولي والإصلاحات الداخلية.

يُوصى بتعزيز أجهزة الاستخبارات والوحدة الوطنية لتجنب السيناريوهات السلبية، مع مراقبة استغلال الأعداء الخارجيين، ودمج جوانب التنمية مثل العدالة والثقافة في الاستراتيجيات الأمنية.

هذه الورقة تعتمد على بيانات حتى 14 ديسمبر 2025، وقد تتطور مع الأحداث الجديدة.

المراجع:

شاركها على:

اقرأ أيضا

إطلاق مديرية آثار حمص لحملة مكافحة التنقيب غير الشرعي عن الآثار في مدينة تدمر

إطلاق مديرية آثار حمص لحملة مكافحة التنقيب غير الشرعي يعكس أهمية حماية التراث الثقافي في تدمر.

15 ديسمبر 2025

•

إدارة الموقع

دعوة لذكرى اليوم الوطني في دولة قطر

تيار المستقبل السوري يرحب بدعوة لذكرى اليوم الوطني في دولة قطر، ويُقدم التهاني الحارة للشعب القطري.

15 ديسمبر 2025

•

إدارة الموقع