حفل انتصار الثّورة السوريّة وكلمة المكتب الديني

كلمة المكتب الديني في تيار المستقبل السوري في الحفل المركزي بالذكرى السنوية الأولى لانتصار الثورة السورية وسقوط نظام الأسد

الحمد لله الذي علّم الإنسان ما لم يعلم، وجعل الهداية نورًا تستضيء به القلوب، والصلاة والسلام على من أُرسل رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن سار على هديهم إلى يوم الدين.

أيها الإخوة والأخوات،
نلتقي اليوم في الذكرى السنوية الأولى للنصر والتحرير، وهي مناسبة وطنية كبرى تُعيد إلى أذهاننا قيمة الإيمان الحق حين يقترن بالعمل، وقيمة القيم الروحية حين تتحول إلى سلوك حضاري يصنع الإنسان ويهذب المجتمع.

لقد أدركت الشعوب عبر التاريخ كله — على اختلاف أديانها ومشاربها — أن الدين لم يكن يومًا عبئًا على الحياة، بل كان دائمًا صمام أمانٍ لها.
فالأديان كلها، في جوهرها وتعاليمها الصافية، جاءت لتذكّر الإنسان بمعنى وجوده، وتعيده إلى فطرته، وتضبط حركته في الكون، وتجعله أكثر عدلًا، وأكثر رحمة، وأكثر مسؤولية.

إن الدين — بكل ما يحمله من منظومات أخلاقية وقيمية — هو القوة التي تمنع الإنسان من الانزلاق إلى الفوضى الداخلية، وهو الذي يزرع في قلبه ضميرًا حيًّا يميّز به بين الحق والباطل، وبين الحلال والحرام، وبين العدل والظلم.
وحين يتحرر الوطن، لا يكفي أن تتحرر الأرض
بل يجب أن يتحرر الإنسان من داخله أيضًا؛ من الغضب والحقد والانتقام، ليبني وطنه على أساسٍ من الرحمة والمسامحة واحترام كرامة الإنسان.

وفي سورية اليوم، ونحن نفتح صفحة جديدة بعد سنوات طويلة من الألم، فإن المكتب الديني في تيار المستقبل السوري يؤكد أن الدين — بمختلف ألوانه وموروثاته في هذا البلد المبارك — سيبقى عامل توحيد لا تفريق، وبناء لا هدم، وهداية لا إقصاء.
ومهمتنا أن نعيد الخطاب الديني إلى مقاصده الكبرى:
إلى الإصلاح، والمحبة، والإخاء، وتعزيز الأخلاق العامة، ونبذ الغلو، وصون المجتمع من التطرف بكل أشكاله.

لقد كان إيمان السوريين بعدالة قضيتهم هو الوقود الأول لصبرهم، وكان اعتمادهم على قيمهم الروحية هو الحصن الذي منعهم من السقوط.
واليوم — بعد أن أكرمنا الله بالنصر — فإن مسؤوليتنا أن نحافظ على تلك القيم، وأن نجعلها أرضية مشتركة تبني مستقبل الدولة السورية الحديثة من خلالها.

أيها الأحبة،
الدين ليس شعارًا يُرفع، ولا كلمات تُقال، بل هو مسؤولية، وعمل، وصلاح، ورسالة.
فإذا صلح الإنسان صلح الوطن، وإذا تهذبت النفوس نهضت الأمة، وإذا اجتمعت القيم الروحية مع الإرادة السياسية والمعرفة العلمية، وُلدت دولة عادلة تستحقها سورية.

نسأل الله أن يبارك خطانا، وأن يلهمنا الرشد، وأن يجعل هذا النصر بداية عهدٍ جديد تُصان فيه كرامة الإنسان، ويُرفع فيه الحق، وتُحترم فيه جميع المكوّنات الدينية والإنسانية في هذا الوطن العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركها على:

اقرأ أيضا

إنشاء صندوق ضحايا سورية وإعادة توجيه الأموال المصادرة

أهمية صندوق ضحايا سورية ودوره في إعادة توجيه الأموال المصادرة لتحقيق العدالة والدعم للضحايا.

13 ديسمبر 2025

إدارة الموقع

حل اتحاد شركات التأمين واتحاد وكلاء ووسطاء التأمين في سورية

تيار المستقبل السوري يستقبل الإعلان عن حل اتحاد شركات التأمين كخطوة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

13 ديسمبر 2025

إدارة الموقع