يُحيي تيار المستقبل السوري، ومعه كل المؤمنين بحرية الإنسان وكرامة الكلمة، اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (68/163) الصادر في 18 كانون الأول/ديسمبر 2013، وجُعل الثاني من تشرين الثاني يوماً سنوياً لتجديد الالتزام العالمي بحماية الصحفيين وضمان العدالة لكل من فقدوا حياتهم أو حريتهم في سبيل الحقيقة.
يأتي هذا اليوم في مرحلة دقيقة من تاريخ سورية المعاصر، بعد أن طوى السوريون صفحة النظام الاستبدادي الطويلة، وبدأوا مرحلة انتقالية شاقة نحو الدولة الوطنية العادلة.
وهي مرحلة تضع أمام الجميع مسؤوليات مضاعفة في حماية حرية الرأي والتعبير، باعتبارها أحد أعمدة الشرعية الجديدة، ومفتاح الثقة بين الدولة والمجتمع.
يؤمن تيار المستقبل السوري أن سورية قد دفعت منذ عام 2011، ثمناً باهظاً في ميدان الكلمة الحرة؛ إذ فقد المئات من الصحفيين والناشطين حياتهم أو حريتهم، وتحوّل الإعلام إلى ساحة صراع بدل أن يكون فضاءً للمعرفة والمساءلة.
واليوم، ونحن نعيد بناء مؤسسات الدولة على أسس مدنية عادلة، فإن إنهاء الإفلات من العقاب على تلك الجرائم يشكل جزءاً من عملية العدالة الانتقالية التي لا يمكن أن يكتمل السلام من دونها.
يؤكد تيار المستقبل السوري أن حماية الصحافة قضية وطنية جامعة، لأنها تمثل حق الشعب في معرفة الحقيقة، وحق الدولة في أن تُراقَب وتُحاسَب بوسائل سلمية وديمقراطية، كما إن بناء دولة القانون لا يكتمل من دون صحافة حرة ومسؤولة.
وفي هذا السياق، يدعو تيار المستقبل السوري إلى ما يلي:
- الإسراع في إقرار ميثاق وطني لحماية الصحفيين والإعلاميين في جميع مناطق سورية، يضمن حقهم في العمل، ويؤسس لهيئة وطنية مستقلة تُعنى برصد الانتهاكات والتحقيق فيها ومساءلة مرتكبيها.
- إدراج جرائم قتل واختطاف الصحفيين ضمن اختصاص هيئة العدالة الانتقالية، باعتبارها جرائم ضد المجتمع وحقه في المعرفة.
- التعاون بين الحكومة الانتقالية والمنظمات الدولية لضمان سلامة الإعلاميين، وتدريب كوادر الأمن والسلطة المحلية على احترام حرية الكلمة وحقوق الصحفيين.
- تشجيع الإعلام المستقل في المناطق الخارجة عن النزاعات أو الانقسام، ليكون نموذجاً لحرية الإعلام في سورية الجديدة، خصوصاً في ظل التحديات التي تفرضها الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي والوضع المتوتر في السويداء، بما يرسخ فكرة أن الكلمة الحرة هي جسر وحدة لا أداة استقطاب.
يرى تيار المستقبل السوري أن سورية الجديدة التي تتشكل اليوم لا تُبنى بالانتقام ولا بالصمت، بل بالمعرفة والاعتراف والمساءلة.
وأن الوفاء لتضحيات الصحفيين السوريين، لا يكون بالرثاء، بل بتأسيس نظام يحمي من يأتي بعدهم، ويجعل من حرية الكلمة قيمة دستورية لا يجوز المساس بها.
في هذا اليوم، يجدد تيار المستقبل السوري التزامه الكامل بمبادئ العدالة، والحرية، والمساءلة، وبأن تكون سورية وطناً يصون الكلمة كما يصون الدم، ويجعل من الحقيقة ميثاق شرف بين الحاكم والمحكوم.