يتابع تيارُ المستقبل السوري بحُزنٍ عميقٍ الحادثة التي تعرّض لها صانع المحتوى السيد عبدو الدوش في مدينةِ حلب، بتاريخ 12 تشرين الثاني 2025، إذ أوقفته مجموعةٌ من الأشخاص أثناء قيادته درّاجةً نارية، انتحلوا صفة عناصر أمنيين، وهاجموه بالضرب واللفظ، فيما كان عنصرُ مرورٍ ماثلاً ولم يتدخّل لحمايته. وقد دوّن السيد الدوش ما جرى بكاميرته، وذكر أن المعتدين لا يتبعون للدولة وإنما ينتحلون صفة أمنيّة.
يُحذر تيار المستقبل السوري من أن تكون هذا الواقعة غير فردية، حيث أنها تكشف بجلاء ضعفاً هيكليّاً في مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية، وهشاشةً في سلطة القانون التي يُفترض أن تقدّم الحماية للمواطِن ـ لا أن تُهدّده.
ما يجعلها مناسبةً لإطلاق نداءٍ جادّ لإصلاح العمل الأمني وضمان نزاهته وفعاليّته.
يلاحظ تيار المستقبل السوري مايلي:
- الترخيص غير الرسمي لهذا النوع من الاعتداء، مما يسبب بانفلاتٍ أو روابط عملٍ خارجة عن إطار الدولة، ويضع المواطنين في موقع ضعف أمام مجموعات تُمارس أمنها الذاتي عبر انتحال صفة رسمية.
- تحتّم الواقعة إعادة النظر في تنظيم العمل الأمني ضمن مؤسسات الدولة، بحيث يكون الأمن مواطَنة لا أداة ترويع، والمؤسسة القانونية هي الضمان الوحيد لكرامة الفرد وحقّه في الحماية.
- تؤكّد عدّة تقارير إعلامية أنّ ظاهرة انتحال الصفة الأمنيّة في محافظة حلب قد تكرّرت خلال الأشهر الماضية، ففي مطلع العام 2025، أُعلن عن ضبط عصابة كانت تنتحل صفة عسكرية لخطف مواطنين وابتزاز ذويهم، وفي خطوةٍ استباقية، أعلنت إدارة الأمن العام السورية في كانون الثاني 2025 تخصيص بطاقات أمنية وإذن رسمي لأي قوة تنفيذية للتوقيف، للحدّ من عمليات انتحال الصفة.
- الإخلال بالأمن القانوني يحمل أبعاداً سياسية واجتماعية، فعندما يفقد المواطن ثقته في قدرة الدولة على ضبط الأمن، تتآكل المواطَنة وتتوسّع مجالات الفوضى والابتزاز.
بناءً على ما سبق، يعلن تيار المستقبل السوري ما يلي:
إنّ الحادثة في حلب تُشكّل جُزءاً من فشل مؤسّسي أوسع، يتطلّب معالجة عاجلة ليس على مستوى الممارسة الأمنية فحسب، بل على مستوى إعادة بناء جهاز الدولة الشرعية وفق مبادئ الحوكمة، والشفافية، والمساءلة.
إنّ ترسيخ القانون وسيادة الدولة يتطلّب أن يكون جهاز الأمن خدمةً للمواطن وليس أداةً للسيطرة أو الخوف.
ومن ثم، يجب العمل على ضمان أن تكون مهام الأجهزة الأمنية واضحة، محدّدة، وخاضعة لرقابة مدنية فعالة.
إنّ تيار المستقبل السوري يدعو إلى فتح تحقيق قضائي مستقل في حادثة السيد عبدو الدوش، وتقديم المتورّطين إلى العدالة، ضماناً لحق المواطن في الحماية والمساءلة، وتأكيداً على أن لا أحد فوق القانون.
إنّ تيار المستقبل السوري يُشدّد على ضرورة نشر نصوص كاملة وواضحة لآليات الاعتماد والتفويض الأمني، بحيث يُعرف المواطن من يُفوضه القانون، ولتتوقّف سطوة الانتحال والتنفّذ خارج الإطار الشرعي.
يدعو تيار المستقبل السوري لاستحداث لجنة مراجعة أمنية مؤقتة تحت إشراف السلطة المدنية، تُقيّم هياكل العمل الأمني في جميع المحافظات، ولا سيما في حلب، وتقدّم تقريراً علنياً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، إضافة لتأهيل وتدريب أوسع لعناصر أجهزة الأمن والشرطة على مبادئ حقوق الإنسان، وخدمة المواطنة، والتواصل المجتمعي، مع إعادة تأهيل داخلي لمن ثبت تورّطه في تجاوزات.
يوصي تيار المستقبل السوري بتعزيز الشفافية في تنفيذ مذكرات التوقيف أو المراقبة، عبر إلزام الجهات الأمنية بإبراز هوية واضحة أو إذن قضائي في كل عملية توقيف أو تفتيش، مع إطلاق حملة مجتمعية للتوعية بحقوق المواطن، بوجه خاص حق التوثيق والتصوير والشكوى من تجاوزات السلطة، وتفعيل قنوات مختصة لتلقي البلاغات وحمايتها، كما نوصي بإدراج بند خاص بمكافحة "انتحال الصفة الأمنية" ضمن استراتيجية الأمن الوطني في مرحلة ما بعد الانتقال، بحيث تكون العقوبة رادعة، وتُرصد هذه الظواهر بمؤشّرات واضحة ومعلنة.
يؤمن تيار المستقبل السوري أن قيام الدولة الحديثة لا يتحقّق إلا بأن تكون السلطة في خدمة المواطنين، لا في مواجهتهم. وإن حماية الحُرّية الفردية وكرامة الإنسان تتطلّب أن يكون جهاز الأمن تحالفاً بين المواطن والدولة، وليس حصناً لعناصرٍ خارجة عن القانون، لهذا فإن حادثة السيد عبدو الدوش في حلب يجب أن تُشكّل نقطةَ تحوّلٍ نحو دولة مؤسساتٍ حقيقية، تُكرّم المواطن، وتكافح ظواهر الفوضى والانتحال، وتؤسّس لمرحلة انتقالية تُعيد بناء سورية على قاعدة العدل، والمواطَنة، وسيادة القانون.