يتابع تيار المستقبل السوري باهتمام بالغ كل ما يصدر عن مؤسسات الدولة السورية الجديدة في مرحلة الانتقال الدقيقة التي نمر بها، انطلاقاً من إيماننا العميق بأن بناء الدولة الوطنية الجامعة يقتضي تضافر كل الجهود وتكاملها، وعليه فقد اطلعنا على قرار إدارة الهجرة والجوازات رقم 879/ق الصادر بتاريخ 26 تشرين الثاني 2025، والذي يقضي بإصدار جوازات سفر بصلاحية سنتين ونصف السنة لفئة من المواطنين الذين غادروا البلاد بطرق غير نظامية أو لديهم إجراءات قانونية معلقة، وكذلك على التصريحات التوضيحية التي رافقت القرار، ومنها ما نُسب إلى السيد وليد عرابي معاون مدير الإدارة.
يُثمن تيار المستقبل السوري عالياً الجهود التي تبذلها الدولة لتصحيح الأوضاع القانونية التي خلّفها النظام البائد، وكذلك السعي لتسهيل عودة المواطنين وإدماجهم في مسيرة إعادة البناء. كما نُقدّر أن القرار يهدف أساساً إلى تسريع إجراءات ملايين السوريين الذين عانوا ظلماً طويلاً.
ومع ذلك، نود أن نُعبّر بكل مسؤولية وطنية عن الملاحظات التالية بروح البناء والشراكة:
- إن الغالبية العظمى من السوريين الذين غادروا البلاد بطرق غير نظامية إنما فعلوا ذلك مضطرين، هرباً من الاعتقال والتعذيب والموت والتجنيد الإجباري. هؤلاء ليسوا "مخالفين" بإرادتهم، بل هم ضحايا نظام استبدادي سقط، وكانوا في طليعة من دفعوا ثمن الحرية.
- إن وصف هؤلاء المواطنين، ولو عن غير قصد، بـ"فلول النظام" أو "أذنابه" يُشكّل جرحاً عميقاً في الوجدان الوطني، ويتناقض مع روح المصالحة التي نتوخاها جميعاً لبناء سورية المستقبل، رغم اعترافنا بوجود فلول هاربين.
- إن تخفيض صلاحية الجواز إلى سنتين ونصف، مع الرسوم المرتفعة نسبياً، يُشكّل عبئاً مادياً ومعنوياً إضافياً على ملايين الأسر التي تعاني أصلاً من تبعات التهجير، وقد يُفضي، ولو من حيث لا يُقصد، إلى إضعاف الرابط بين المغتربين والوطن في الوقت الذي نحن أحوج ما نكون فيه إلى تقوية هذا الرابط.
إن تيار المستقبل السوري، انطلاقاً من حرصه على وحدة السوريين ومستقبل دولتهم، يدعو المسؤولين في وزارة الداخلية وإدارة الهجرة والجوازات إلى:
- إعادة النظر في صياغة القرار بحيث يُميّز بوضوح بين من غادروا البلاد هرباً من بطش النظام البائد قبل التحرير، وبين من غادروا لاحقاً لأسباب أخرى، وبين الفلول المجرمين.
- تمديد صلاحية الجوازات إلى ست سنوات على الأقل لكل من لم تثبت بحقه تهمة المشاركة الإجرامية بعهد النظام البائد.
- خفض الرسوم بشكل كبير لهذا الجواز الاستثنائي، تعبيراً عن تقدير الدولة لمعاناة أبنائها.
- صدور توضيح رسمي يؤكد أن الدولة السورية الجديدة تعتبر كل من هجر قسراً ضحية وليس مخالفاً، وأن سياستها الأساسية هي احتضان أبنائها لا معاقبتهم.
يدعو تيار المستقبل السوري القيادة السورية الحالية، وعلى رأسها الرئيس أحمد الشرع والحكومة الانتقالية، إلى أن تتطلع لسورية موحدة قوية جامعة، وأن مثل هذه الملاحظات ستُؤخذ بروح المسؤولية الوطنية التي تجمعنا جميعاً.