يتقدم تيار المستقبل السوري في لحظة تاريخية تعكس عمق التراث الحضاري السوري وإصرار شعبنا على الحفاظ على تنوعه الديني والثقافي، بأسمى آيات التهنئة للطائفة الأرمنية الأرثوذكسية ولكل أبناء الشعب السوري بمناسبة إعادة افتتاح كنيسة "القديسة آنا" في قرية اليعقوبية بريف جسر الشغور غربي إدلب.
يرى تيار المستقبل السوري هذا الحدث، الذي يتزامن مع الاحتفال بعيد القديسة آنا – أحد أبرز الأعياد الدينية لدى أبناء الطائفة الأرمنية في سورية – يمثل رمزاً للأمل والتجدد في زمن الجراح، ودليلاً على أن الإرادة الوطنية قادرة على تجاوز التحديات لإحياء التراث الذي يجمعنا.
يستذكر تيار المستقبل السوري مكانة كنيسة "القديسة آنا"، كواحدة من أقدم المعالم المسيحية في سورية، حيث تعود إلى أوائل القرون الميلادية، إذ يُرجع بناءها إلى القرن الخامس الميلادي في عهد الملكة هيلانة، مما يجعلها شاهداً حياً على التاريخ البيزنطي والأرمني في المنطقة، كما تقع الكنيسة في قلب قرية اليعقوبية، التي شهدت استيطاناً أرمنياً يعود إلى القرون الوسطى بين القرنين الثامن والثاني عشر، وتتميز بطابعها المعماري الفريد الذي يجمع بين العناصر البيزنطية والأرمنية، بما في ذلك قبابها وجدرانها الحجرية التي تحمل نقوشاً تاريخية، ولقد كانت الكنيسة مكان حج سنوي لأبناء الطائفة الأرمنية الأرثوذكسية، حيث يتوافدون في آخر أحد من شهر آب لإحياء طقوس عيد القديسة آنا، أم مريم العذراء، رمز الخصوبة والحماية في التراث المسيحي الشرقي، ومع ذلك، أدت الأحداث المأساوية للحرب السابقة إلى إغلاقها منذ عام 2011، مع نزوح الكثير من سكان القرية، وتوقف النشاط الديني لأكثر من عقد، حتى أعيد فتحها جزئياً في آب 2022 للاحتفال الأول بعد الغياب، ثم في شباط 2025 لاستقبال وفود الحجاج من حلب وكسب واللاذقية، قبل أن تكتمل أعمال الترميم الشاملة لإعادة افتتاحها الرسمي يوم الأحد 31 آب 2025، برئاسة المطران ماكار أشكاريان، مطران الأرمن الأرثوذكس لأبرشية حلب وتوابعها، وبمشاركة الأرشمندريت ليفون يغيايان.
إن تيار المستقبل السوري، الذي يؤمن إيماناً راسخاً بحق كل سوري في العيش الكريم والتعايش المتساوي تحت مظلة المواطنة السليمة، يرى في هذا الافتتاح خطوة إيجابية نحو استعادة الوحدة الوطنية التي طالما كانت جوهر سورية كمنارة حضارية تجمع بين الأديان والأعراق، فالكنيسة بعد سقوط الأسد الذي كان يزعم حمايته للأقليات ليست مجرد بناء تاريخي، بل رمزاً للصمود الروحي والثقافي، ويذكرنا بأن التنوع السوري – سواء كان مسيحياً أرمنياً أو إسلامياً أو غيره – هو مصدر قوتنا، لا انقسامنا، وفي ظل الوضع السوري الراهن، الذي يتطلب بناء جسور الثقة بين المكونات، ندعو إلى تعزيز مثل هذه المبادرات من خلال ضمان الحماية الكاملة للمعالم الدينية، وتشجيع عودة النازحين إلى مناطقهم بأمان وكرامة، بعيداً عن أي استغلال سياسي أو أجندات ضيقة.
يؤكد في تيار المستقبل السوري التزامنا برؤية وطنية شاملة تقوم على العدالة الاجتماعية والمساواة، حيث يصبح كل معلم تاريخي ككنيسة "القديسة آنا" نقطة انطلاق لبناء مستقبل يجمعنا جميعاً، وعهداً جديداً لسورية الواحدة، التي تحترم تراثها وتصون حقوق أبنائها، مسلمين ومسيحيين، عرباً وأرمناً وأكراداً، في سبيل وطن حر وعادل يزدهر بالسلام والإعمار.