يتابع تيار المستقبل السوري بقلق بالغ التقرير الصادر عن خبراء أمميين، المنشور في 21 آب 2025، والذي يُفصل في تقاعس السلطات السورية الانتقالية عن مواجهة تصاعد العنف الطائفي في محافظة السويداء منذ يوليو 2025.
حيث يأتي هذا التقرير في سياق مرحلة انتقالية حساسة تشهدها سورية، إذ يجب أن تكون الأولوية القصوى لحماية الوحدة الوطنية وصيانة حقوق جميع المكونات السورية دون تمييز.
إن التفاصيل المروعة الواردة في التقرير، التي تشمل هجمات مسلحة على الأقلية الدرزية بغض النظر عن الدافع والأسباب لها، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1000 شخص، بينهم 539 مدنياً (منهم 39 امرأة و21 طفلاً)، بالإضافة إلى 196 إعدام ميداني، وحرق 33 قرية، واختطاف 105 نساء وفتيات درزيات (مع بقاء 80 منهن مفقودات)، ووقائع عنف جنسي وإعدامات خارج نطاق القانون، فإن كل هذه الانتهاكات تكشف عن فشل خطير في أداء السلطات الانتقالية واجباتها في حماية المواطنين.
كما يبرز التقرير تورط قوات أمنية مرتبطة بالسلطات في هذه الانتهاكات، مما يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويغذي التوترات الطائفية، خاصة مع انتشار خطاب الكراهية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الذي يصور الدروز كخونة وكفار.
يؤكد تيار المستقبل السوري أن هذا التقاعس هو تهديد مباشر للنسيج الاجتماعي السوري الذي ناضلنا من أجل حفظه موحداً بعد سنوات الصراع.
في ظل نزوح داخلي يتجاوز 192 ألف شخص في محافظات السويداء ودرعا وحمص، واستمرار الاشتباكات المتفرقة كالتي وقعت في 9 آب 2025 في مناطق نجران والوهلة، ويصبح من الضروري الاستجابة الفورية لتوصيات الخبراء الأمميين.
ونحن ندعم بقوة دعوتهم إلى ضمان وصول سريع للمساعدات الإنسانية الأساسية، وإجراء تحقيقات عاجلة ومستقلة ومحايدة في القتل خارج نطاق القانون، والتعذيب، والاختطافات، مع محاسبة الجناة وكشف مصير المفقودين، كما ندعم اعتراف القيادة السورية بوجود انتهاكات وأنها ستحاسب كل من يثبت التحقيق تورطه بها ولو كان منتمياً للقوات الرسمية.
يؤيد تيار المستقبل السوري مطالبة الخبراء بحماية جميع الأقليات، بما فيها الدروز، ووقف الخطاب التحريضي على العنف، وتسهيل عودة آمنة أو حلول دائمة للنازحين، فهذا خير رد على الانفصاليين وعملاء اسرائيل، ونرى أنه يجب دعم الإجراءات تلك بجهود حقيقية لمعالجة الجذور العميقة للإرهاب والعنف، مثل النزاعات غير المحلولة، والتمييز، والإقصاء.
يدعو تيار المستقبل السوري السلطات الانتقالية إلى تعزيز آليات الرقابة والشفافية، وإشراك المجتمع المدني والمكونات المحلية في عملية بناء السلام، مع الالتزام الكامل بحقوق الإنسان، خاصة حقوق النساء والفتيات اللواتي يواجهن مخاطر العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي.
إن تيار المستقبل السوري يلتزم بدعم المرحلة الانتقالية نحو سورية تعددية عادلة موحدة، ويحذر من أن أي تقصير في مواجهة هذه الأزمات قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات وإضعاف الجهود الوطنية، كما نؤمن أن الحريص على إنجاح هذه المرحلة هو الذي يبتعد عن منطق التقديس وعدم النقد والنصح والضغط من داخل المجتمع السوري، كما وندعو المجتمع الدولي، بما فيه الأمم المتحدة، إلى تعزيز الضغط على السلطات السورية لتنفيذ هذه التوصيات، وتقديم الدعم الفني والإنساني اللازم لإعادة الإعمار والمصالحة، فسورية تمر في مسار تاريخي لبناء دولتها العادلة، ودون مساعدة داخلية وخارجية تتجاوز السلبيات وتبني على الإيجابيات فإن التعافي وبناء دولة المؤسسات سيكون صعب المنال، فسورية لجميع السوريين، ولا مجال للطائفية أو الإفلات من العقاب في مستقبلنا المشترك.