الأوضاع الراهنة في السويداء والساحل وزيارة البطرك يوحنا العاشر

إلى شعبنا السوري العظيم، إلى أبناء وطننا الموحد من الجزيرة إلى الساحل، من السويداء إلى حلب:
نحن في تيار المستقبل السوري، وإذ نؤكد تمسكنا بوحدة سورية أرضاً وشعباً وسيادة، نتوجه إليكم اليوم برسالة وطنية تحمل في طياتها الأمل بمستقبل يليق بتضحيات شعبنا وتاريخه العريق.

لقد تابعنا بقلق بالغ المظاهرات التي شهدتها محافظة السويداء يوم 16 أغسطس 2025، والتي رفع خلالها البعض شعارات "تقرير المصير" وأعلاماً أجنبية تتناقض مع هويتنا الوطنية الجامعة.

إننا، في تيار المستقبل السوري، نرفض رفضاً قاطعاً أي دعوات تهدف إلى تمزيق نسيجنا الوطني أو استدعاء تدخلات خارجية تسعى لاستغلال الظروف الدقيقة التي تمر بها بلادنا.
إن السويداء، قلب سورية النابض، كانت وستظل رمزاً للعزة والكرامة، وأبناؤها الدروز جزء لا يتجزأ من هويتنا السورية. وندعو أهلنا في السويداء إلى الحوار الوطني تحت مظلة الدولة، بعيداً عن أي محاولات لزرع الفتنة أو الانقسام، ونؤكد أن الحلول تأتي من خلال وحدتنا لا من خلال دعوات الانفصال التي تخدم أجندات خارجية.

في المقابل، نعبر عن فخرنا واعتزازنا بالروح الوطنية التي تجلت في محافظات الساحل السوري، حيث التف أبناء شعبنا، وعلى رأسهم أهلنا العلويون، مع جهود الدفاع المدني والهلال الأحمر لمواجهة حرائق الغابات التي ضربت سهل الغاب واللاذقية. هذا التضامن، الذي تجاوز كل الحواجز الطائفية والمخاوف، هو تجسيد حي لمعنى الوحدة الوطنية التي ننشدها.
إن اندماج أبناء الساحل في جهود الإغاثة وإخماد الحرائق، دون خوف أو تردد، يعكس إيمانهم العميق بأن سورية وطن الجميع، وأن الأزمات لا تُقاوم إلا بالتكاتف.
كما نثمن قرار رفع حواجز الأمن العام في المناطق العلوية، الذي يمثل خطوة شجاعة نحو ترسيخ الثقة بين الدولة ومواطنيها، وإعادة بناء جسور المحبة التي حاولت قوى الظلام هدمها.

إننا في تيار المستقبل السوري نرحب ترحيباً حاراً بالزيارة التاريخية التي قام بها غبطة البطرك يوحنا العاشر، بطرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، إلى الرئيس أحمد الشرع، والتي تأتي في سياق تعزيز الوحدة الوطنية، وتمثل لحظة فارقة في مسيرتنا نحو سورية الموحدة.
إن دعم الكنيسة الأرثوذكسية لمسار الانتقال السياسي، وتأكيد غبطته على الدور الوطني للكنيسة في الحفاظ على النسيج السوري، هو رسالة قوية بأن سورية لن تكون إلا موطناً للتعددية والتسامح.

نثمن عالياً هذا الموقف، وندعو إلى تعزيز الحوار بين كافة المكونات الدينية والاجتماعية لترسيخ عقد اجتماعي جديد يضمن العدالة والمساواة للجميع.

إن سورية اليوم تقف على مفترق طرق، بين طريق الوحدة والتضامن، وطريق الانقسام والفتنة.

ونحن في تيار المستقبل السوري نؤمن أن الوطن لا يُبنى إلا بالحوار والعدالة، وأن الثقة بين الدولة وشعبها هي الركيزة الأساسية لنهضتنا. وعليه، ندعو الحكومة الانتقالية إلى فتح قنوات حوار فورية مع أهلنا في السويداء، لمعالجة مطالبهم المشروعة ضمن إطار الوحدة الوطنية، ونحث جميع القوى السياسية والاجتماعية على نبذ خطاب الكراهية والانفصال.
كما ندعو المجتمع الدولي إلى دعم جهود إعادة الإعمار بدلاً من استغلال جراح شعبنا.

سورية، هي أرض التاريخ والحضارة، ومهد التعددية والعيش المشترك، فلنجعل من مظاهر التضامن في الساحل، ومن زيارة البطرك لقصر الشعب، ومن صمود شعبنا، شعلة تنير دربنا نحو مستقبل يليق بتضحياتنا، ولنقف صفاً واحداً ضد دعاة الانفصال، ولنبنِ معاً سورية الحرة، العادلة، الموحدة.

شاركها على:

اقرأ أيضا

إعادة تكوين الإنسان العربي: من التهميش إلى الولادة الجديدة

التحديات التي تواجه الإنسان العربي وكيف يمكن إعادة تكوينه من التهميش إلى التحول الإيجابي.

4 ديسمبر 2025

أنس قاسم المرفوع

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية في مرحلتي ما قبل وبعد سقوط نظام الأسد

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية قبل وبعد سقوط نظام الأسد وتأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.

4 ديسمبر 2025

إدارة الموقع