في ظل التطورات السياسية والأمنية المتسارعة التي تشهدها سورية خلال مرحلتها الانتقالية، يعرب المكتب السياسي لتيار المستقبل السوري عن تفاؤله الكبير إزاء التصريحات الأخيرة الصادرة عن الرئيس أحمد الشرع بتاريخ 16 آب/أغسطس 2025، والتي عبّر فيها عن أمله في تجنب أي صدام عسكري مع قوات سورية الديمقراطية (قسد)، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة تنفيذ اتفاق 10 آذار/مارس 2025، الهادف إلى دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سورية ضمن إطار الدولة.
كما أشار الرئيس الشرع إلى محاولات خارجية، وعلى رأسها إسرائيل، لتأجيج الفتنة في المناطق الجنوبية.
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث أفادت تقارير أمنية صادرة في 16 آب/أغسطس 2025 عن استعدادات عسكرية واسعة النطاق من قبل الجيش السوري، تشمل تجميع نحو 50 ألف جندي في مناطق تدمر، والسخنة، والرصافة، بهدف استعادة السيطرة على محافظتي الرقة ودير الزور بحلول تشرين الأول/أكتوبر 2025، في حال فشل المفاوضات السلمية.
وتشير المعلومات إلى احتمال مشاركة فصائل من الجيش الوطني السابق الذي كان مدعوما تركياً من جهة سد تشرين، ما يرفع من احتمالات التصعيد العسكري.
وفي السياق ذاته، صدرت تصريحات أمريكية سابقة تؤكد استمرار الدعم لقسد بشكل مشروط، مع دعوة لتقديم تنازلات في المفاوضات الجارية مع الحكومة السورية.
ويبدو أن الموقف الأمريكي يقترب تدريجياً من الرؤية التركية، في حين نفت قسد وجود ضغوط مباشرة، مفضلة التركيز على مهام مشتركة جديدة مع التحالف الدولي، الذي واصل إرسال تعزيزات عسكرية إلى قواعده في دير الزور والحسكة، بما في ذلك عربات مدرعة ومعدات لوجستية.
كما سجلت الأيام الأخيرة اشتباكات متفرقة على طول نهر الفرات، خاصة في محيط سد تشرين، بين قوات قسد والفصائل الموالية لتركيا، وسط قصف مدفعي متبادل في قرى مثل قزعلي وتل الطويل. وفي الرقة، عُقدت اجتماعات طارئة بوساطة التحالف الدولي، في محاولة لاحتواء التصعيد وتفعيل قنوات الحوار.
إن تيار المستقبل السوري يرى في هذه التطورات فرصة حاسمة لتعزيز الوحدة الوطنية وتجنب الانزلاق نحو المواجهة. ويؤكد التيار دعمه الكامل للحل السياسي بين الحكومة وقسد كبديل عن أي خيار عسكري قد يؤدي إلى إراقة دماء إضافية وتعميق التوترات الأمنية، خصوصاً في المناطق الشرقية التي تعاني أصلاً من هشاشة البنية التحتية وتحديات إنسانية متفاقمة.
إننا نشدد في تيار المستقبل السوري على ضرورة تغليب لغة العقل والمصلحة الوطنية على أي مصالح فئوية ضيقة أو تدخلات خارجية، سواء أكانت أمريكية أو تركية أو إسرائيلية، والتي قد تعيق مسيرة بناء دولة سورية موحدة وقوية.
وندعو كافة الأطراف إلى استئناف الحوار الفوري تحت مظلة وطنية شاملة، مع التركيز على اندماج قسد ضمن هيكل الدولة، وضمان حقوق الأقليات والمجتمعات المحلية في الرقة ودير الزور، بما يعزز الاستقرار ويمهد لعملية الإعمار.
إن فكر الدولة السورية الجامعة يتجاوز أي حسابات جزئية، فسورية وطن مشترك لجميع أبنائها. وسنواصل دعم كل مبادرة إيجابية نحو السلام، وننتقد أي مسار يهدد الوحدة، مؤكدين أن مستقبل سورية يُشيَّد بالحكمة والتعاون، لا بالمواجهة والسلاح.