في خطوة تحمل في طياتها اعترافًا متأخرًا بجرائم قضائية ارتُكبت بحق آلاف السوريين، أعلنت وزارة العدل السورية يوم الأحد 10 آب / أغسطس 2025 فتح باب الشكاوى أمام المتضررين من ممارسات قضاة محكمة قضايا الإرهاب.
إن تيار المستقبل السوري، إذ يرحب بأي إجراء يُعيد الاعتبار للضحايا ويضع حدًا للإفلات من العقاب، فإنه يؤكد أن العدالة لا تُستعاد ببيانٍ يتيم، بل بمنظومة إصلاح شاملة تُعيد تعريف القضاء كمؤسسة مستقلة، لا كأداة قمع سياسي. فلقد كانت محكمة الإرهاب، منذ تأسيسها، شاهدًا على انتهاك الحقوق الأساسية، وتغوّل السلطة التنفيذية على القضاء، وتكريس ثقافة الخوف بدلًا من سيادة القانون.
وإن فتح باب الشكاوى اليوم، رغم أهميته الرمزية، لا يعفي الجهات المسؤولة من واجب تفعيل هيئة العدالة الانتقالية.
ينتقد تيار المستقبل السوري التأخر بتشكيل فريق عمل هيئة العدالة الانتقالية، إذ وفقاً لنص قرار إحداثها الذي ينص خلال 30 يوم من تاريخ 17 أيار / مايو 2025م، ويعتبر ذلك تقصيراً خطيراً غير مبرر.
يربط تيار المستقبل السوري دعوة وزارة العدل بمبادئ ميثاق العدالة الانتقالية الذي شاركنا رؤيتنا حولها بدراسة منشورة عبر موقعنا الرسمي بعنوان: "هيئة العدالة الانتقالية، ضرورةُ المرحلة" والذي ينص على أن العدالة ليست مجرد محاسبة فردية، بل عملية مجتمعية شاملة تهدف إلى:
- كشف الحقيقة كاملة دون انتقائية أو تزييف.
- الاعتراف الرسمي بالانتهاكات، وتوثيقها ضمن ذاكرة وطنية جامعة.
- جبر الضرر المادي والمعنوي للضحايا، وضمان عدم تكرار الانتهاكات.
- إصلاح المؤسسات القضائية والأمنية، وتحصينها من التسييس والفساد.
يدعو تيار المستقبل السوري إلى تشكيل لجنة مستقلة، تضم حقوقيين وممثلين عن المجتمع المدني، لمتابعة هذه الشكاوى، وضمان عدم تحويلها إلى مجرد إجراء شكلي.
كما نطالب بنشر نتائج التحقيقات بشفافية، وتقديم ضمانات بعدم تكرار هذه الممارسات تحت أي مسمى.
إن العدالة ليست ترفًا مؤجلًا، بل هي حجر الأساس لأي مشروع وطني جامع.
ومن دونها، لا يمكن الحديث عن مصالحة، ولا عن مستقبل.
