في السادس من آب لعام 2025، أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حماة، على لسان العميد ملهم محمود الشنتوت، فتح تحقيق مسلكي بحق عناصر أمنية ارتكبوا تجاوزات فردية أثناء تدخلهم لفض نزاع مسلح في حي الضاهرية، وقد تم توقيف الدورية المعنية وإحالتها للتحقيق، في خطوة نادرة تحمل دلالات سياسية وأخلاقية عميقة.
نتابع في تيار المستقبل السوري هذا التطور باهتمام بالغ، ونعبّر عن تقديرنا لهذه المبادرة التي تمثل خروجًا عن نمط الإنكار المؤسساتي، وتفتح نافذة نحو مساءلة داخلية طال انتظارها.
فالمحاسبة إعلان ضمني بأن الدولة لا تزال قادرة على مراجعة ذاتها، والاعتراف بأخطائها، والعودة إلى منطق القانون.
يدعو تيار المستقبل السوري إلى تحويل هذه الخطوة من حالة استثنائية إلى سياسة عامة، تُطبق على امتداد الجغرافيا السورية، من حماة إلى الحسكة، ومن درعا إلى إدلب، فالمساءلة لا تُجزّأ، ولا تُمارس انتقائيًا، بل يجب أن تكون مبدأً مؤسسًا لعلاقة الدولة بمواطنيها، لا سيما في مرحلة ما بعد النزاع، حيث يُعاد بناء الثقة من تحت الركام.
يعتبر تيار المستقبل السوري الدولة ليست مجرد سلطة تنفيذية، بل هي تعاقد أخلاقي بين المواطن والمؤسسة، وحين تُحاسب الدولة عناصرها، فإنها لا تضعف نفسها، بل تعزز شرعيتها، فالقوة التي لا تُضبط بالقانون تتحول إلى عنف، والعنف الذي لا يُدان يتحول إلى ثقافة، والثقافة التي تشرعن الإذلال تُنتج مجتمعًا هشًا، لا يمكن أن يستقر أو ينهض.
يرى تيار المستقبل السوري في هذه الخطوة فرصة لبناء عقد اجتماعي جديد، يقوم على الانتقال من منطق الخوف إلى منطق الثقة، ومن ثقافة الإفلات من العقاب إلى ثقافة المحاسبة.
وهذا لا يتحقق إلا عبر:
- تفعيل آليات الرقابة المدنية المستقلة.
- توثيق المهام الأمنية بكاميرات جسدية كما اقترحت وزارة الداخلية.
- تخصيص رقم تعريفي لكل عنصر أمني لتسهيل التبليغ والمساءلة.
- إشراك المجتمع المحلي في تقييم أداء المؤسسات الأمنية.
إن تيار المستقبل السوري، وهو يضع نصب عينيه بناء دولة مدنية عادلة، يعتبر هذه الخطوة نواة أولى لمسار طويل نحو إصلاح القطاع الأمني، وإعادة تعريف العلاقة بين السلطة والمجتمع.
مؤكدين أن المساءلة ليست تهديدًا للاستقرار، بل شرطًا له، وأن العدالة ليست عبئًا على الدولة، بل أساس وجودها.