يعبر تيار المستقبل السوري عن موقفه الداعم تجاه خطوة إعادة دمج سورية في رابطة الاتصالات الدولية (GSMA)، وذلك يوم الأربعاء 2025/07/30م، بعد انقطاع دام أكثر من عقد، ونعتبرها لحظة ذات دلالات سياسية ومؤسساتية عميقة تستحق الوقوف أمامها بوعي ومسؤولية وطنية.
فمن حيث الشكل، تُعد هذه العودة تطورًا إيجابيًا يعيد ربط سورية بالفضاء التقني العالمي، ويخفف من مظاهر العزلة البنيوية التي عانت منها مؤسسات الدولة ومقدراتها خلال سنوات الحرب.
ومن حيث الجوهر، تطرح هذه اللحظة تحديات وأسئلة استراتيجية تتعلق بنمط إعادة الاندماج وشروطه وموقعه في مشروع الإصلاح الوطني الشامل، الذي لا يمكن أن يُختزل في مؤشرات تقنية أو مؤتمرات رمزية.
يرى تيار المستقبل السوري أن الانضمام مجددًا إلى المنظومة الدولية في مجال الاتصالات لا ينبغي أن يكون خطوة شكلية أو ذات طابع بروتوكولي، بل فرصة تأسيسية لإعادة بناء قطاع الاتصالات في سورية وفق معايير الحوكمة والشفافية وحماية الحقوق الرقمية للمواطنين.
ونحذر من اختزال هذه العودة في مجرد واجهة انفتاح مؤسساتية دون مراجعة عميقة للبنية القانونية والتنظيمية التي تحكم هذا القطاع.
يعتبر تيار المستقبل السوري مسألة السيادة الرقمية وحماية بيانات المواطنين، وضمان حيادية هذا القطاع عن التوظيف الأمني أو السياسي، تمثل أولوية لا تقل أهمية عن إعادة تفعيل شبكات الربط أو حضور المؤتمرات الدولية.
يؤكد تيار المستقبل السوري أن البناء المؤسسي السليم لقطاع الاتصالات يشكل ركيزة من ركائز التنمية الوطنية، بما يسمح بتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، ويعزز من كفاءة الإدارة العامة، ويُعيد ثقة المواطن بالدولة وقدرتها على تقديم خدمات عامة تتسم بالمهنية والعدالة.
وعليه، فإن تيار المستقبل السوري يدعو إلى ما يلي:
- إجراء مراجعة قانونية وتنظيمية شاملة لمنظومة الاتصالات السورية، بما يضمن مواءمتها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحماية الخصوصية.
- تشكيل هيئة وطنية مستقلة للإشراف على قطاع الاتصالات، بعيدة عن أي توظيف حزبي أو أمني، تتولى صياغة السياسات وضمان الحياد المؤسساتي.
- إدماج الكفاءات السورية في الخارج ضمن مسار بناء القدرات التقنية والمؤسساتية لهذا القطاع، عبر شراكات مع مؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية متخصصة.
- ربط خطوات إعادة الانفتاح التقني بخطة إصلاح أوسع تشمل الشفافية، مكافحة الفساد، وضمان المشاركة المجتمعية في صياغة السياسات الرقمية.
- فتح حوار وطني حول مفهوم "السيادة الرقمية" وحقوق الأفراد في الفضاء الرقمي، بما يشكل أساسًا لصياغة عقد اجتماعي جديد يتجاوز المراقبة ويستند إلى التمكين والمواطنة الرقمية.
يعيد تيار المستقبل السوري التأكيد على أن أي انفتاح مؤسسي لا يكتسب قيمته إلا إذا ترافق مع إصلاحات جوهرية تضع المواطن في قلب السياسات العامة، وتجعل من التكنولوجيا أداة لتحرير الإنسان، لا وسيلة لتقييده أو إخضاعه.