كارثة حرائق اللاذقية وخطة الحكومة للحماية والاستجابة البيئية

يتابع تيار المستقبل السوري بقلق بالغ كارثة الحرائق الكبرى التي اجتاحت محافظة اللاذقية منذ مطلع شهر تموز، والتي تسببت في خسائر بيئية وزراعية واجتماعية غير مسبوقة منذ بداية النزاع السوري. فقد أتت النيران، بحسب تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، على أكثر من 100 كيلومتر مربع من الغابات والأراضي الزراعية، أي ما يُناهز 3% من الغطاء الحراجي الوطني، وأثّرت على نحو 5000 شخص في أكثر من 60 تجمعاً سكنياً، إلى جانب أضرار مباشرة في البنية النباتية والاقتصاد الريفي.

إننا في تيار المستقبل السوري إذ نُثني على انطلاق حملة "بأيدينا نحييها" يوم الثلاثاء 2025/07/08، التي أعلنت عنها الحكومة السورية، فإنه يرى ضرورة الانتقال من المقاربة الطارئة إلى بناء منظومة إدارة كوارث وطنية مستدامة، تتجاوز منطق الاستجابة اللحظية نحو التخطيط الاستباقي البيئي، وحشد جهود المجتمع المدني والإقليمي في صياغة ردّ مؤسساتي قادر على احتواء آثار الكارثة ومواجهة أخطار المستقبل.

يعتبر تيار المستقبل السوري كارثة اللاذقية ليست مجرد حدث طبيعي طارئ، بل مؤشر على هشاشة الإدارة البيئية السورية، وغياب منظومة الإنذار المبكر، والقصور المؤسسي في الربط بين السياسات الزراعية، الحراجية، واللوجستية.


ولذلك، فإننا في تيار المستقبل السوري نضع المبادئ التالية كركائز لاستجابة متكاملة:

  1. المأسسة التقنية والتنظيمية عبر تأسيس هيئة مستقلة لإدارة الكوارث المناخية والحرائق، ترتبط بمجلس الوزراء، وتُدار من خبراء في الغابات والطوارئ والاستجابة السريعة، كما هو معمول به في العديد من دول المتوسط مثل تركيا، قبرص، وإسبانيا.
  2. إعادة هندسة الخطط الحراجية والزراعية وربطها بنظام الخرائط الحرارية التنبؤية، وبرامج التحليل البيئي الجغرافي (GIS)، بما يسمح بفتح خطوط نار وقائية، وتخصيص ممرات تدخل آمنة لفرق الدفاع المدني، كما أشارت إليها وزارة الطوارئ في مؤتمرها الصحفي الأخير.
  3. تحويل الحملة من شعار إعلامي إلى برنامج زراعي بيئي ذي أهداف محددة، يستند إلى دراسات علمية، وتُخصّص له ميزانية مستقلة ضمن خطة 2025–2030 لإعادة تأهيل الغابات الساحلية، وتنمية المجتمعات الريفية المحيطة بها.

يدعو تيار المستقبل السوري لإعداد دراسة وطنية دقيقة لمستوى الضرر في أراضي اللاذقية، تتضمن مسحًا ميدانيًا علميًا، بالتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث الزراعية، وتُنشر نتائجها بشفافية أمام الرأي العام.

يوصي تيار المستقبل السوري بإطلاق مشروع "الحزام الأخضر الساحلي" لإعادة تشجير الجبال المتضررة وفقًا لخصائص مناخية مقاومة للحرائق، باستخدام أنواع نباتية محلية مدروسة، يُنفذ على مراحل متعددة.

يدعو تيار المستقبل السوري لإنشاء صندوق وطني–دولي لتعويض المزارعين بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة، يركّز على التمويل العادل، وإعادة تفعيل دور الإنتاج الزراعي المحلي المتضرر.

يشدد تيار المستقبل السوري على أهمية تبني برنامج وطني للتثقيف البيئي المجتمعي في المدارس والبلديات، يتضمن ورش عمل حول إدارة الحرائق، وكيفية حماية الغابات، وتحويل الأهالي إلى "حراس بيئيين"، كما نجحت به اليونان بعد أزمة حرائق 2021.

يوصي تيار المستقبل السوري بدعوة الدول المتضامنة، لا سيما تركيا والأردن ولبنان وقبرص، إلى مواصلة الدعم الفني عبر بروتوكولات التعاون الإقليمي، وتقديم المساعدة في تطوير نظم الإنذار المبكر، وتبادل فرق التدريب.

يرى تيار المستقبل السوري أن التعافي من حرائق اللاذقية لا يجب أن يُختزل في حملات رمزية أو دعم لحظي، بل يجب أن يُبنى عبر رؤية وطنية بيئية–تنموية تمتد لعشر سنوات على الأقل، وتُعيد صياغة العلاقة بين الدولة والطبيعة، والمؤسسة والمجتمع، والتخطيط والاستجابة.
فالأرض التي احترقت، تحترق أيضًا في ضمير الوطن إن لم تُعد الحياة إليها.

يُحمّل تيار المستقبل السوري الحكومة السورية رغم وقوفنا معها والتحديات أمامها مسؤولية تجاوز التقصير الإداري والبنيوي، وندعوها إلى إعلان حالة بيئية خاصة في المناطق المنكوبة، والتعاون مع جميع القوى المجتمعية والسياسية والعلمية من أجل بناء استراتيجية وقائية مستدامة تعيد للأرض حياتها وللمجتمع ثقته.

شاركها على:

اقرأ أيضا

إعادة تكوين الإنسان العربي: من التهميش إلى الولادة الجديدة

التحديات التي تواجه الإنسان العربي وكيف يمكن إعادة تكوينه من التهميش إلى التحول الإيجابي.

4 ديسمبر 2025

أنس قاسم المرفوع

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية في مرحلتي ما قبل وبعد سقوط نظام الأسد

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية قبل وبعد سقوط نظام الأسد وتأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.

4 ديسمبر 2025

إدارة الموقع