في السابع عشر من تموز، يحتفل العالم باليوم العالمي للعدالة الجنائية الدولية، في ذكرى اعتماد نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية. وفي هذه المناسبة، نؤكد في تيار المستقبل السوري أن العدالة الجنائية الدولية هي منظومة قيم ومبادئ تشكل أساسًا لأي مشروع وطني يسعى إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
يرى تيار المستقبل السوري أن ترسيخ مبادئ العدالة الجنائية الدولية في سورية هو ضرورة وطنية ملحة، لا سيما في ظل ما شهدته البلاد من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وجرائم ترتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، وأن غياب المساءلة واستمرار الإفلات من العقاب يشكلان عائقًا حقيقيًا أمام أي مسار سياسي أو اجتماعي يهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية وإعادة بناء الثقة بين السوريين. ومن هنا، فإن العدالة يجب أن تكون في صلب أي عملية انتقالية، لا باعتبارها أداة للانتقام، بل كضمانة للإنصاف والمصالحة.
يؤمن تيار المستقبل السوري بأن العدالة الجنائية الدولية تمثل أداة فعالة لمواجهة الجرائم الجسيمة، وتوفير الحماية للضحايا، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، كما أن دعم المحكمة الجنائية الدولية والتعاون مع آلياتها يشكلان خطوة استراتيجية نحو إعادة إدماج سورية في المنظومة القانونية الدولية، ويعكسان إرادة سياسية جادة في الانفتاح على العالم، والانخراط في مسارات الإصلاح والمساءلة.
يشدد تيار المستقبل السوري على أهمية إدماج مبادئ العدالة الجنائية الدولية في السياسات الوطنية، من خلال تطوير التشريعات المحلية بما يتوافق مع المعايير الدولية، وضمان استقلالية القضاء، وتوفير آليات فعالة لحماية الضحايا والشهود، وملاحقة مرتكبي الجرائم الجسيمة. كما يدعو إلى تعزيز الوعي المجتمعي بهذه المبادئ، باعتبارها جزءًا من الثقافة السياسية الجديدة التي يجب أن تسود في سورية المستقبل، وتكون حجر الأساس في بناء دولة المواطنة والعدالة.
يدعو تيار المستقبل السوري في هذا اليوم إلى حوار وطني شامل حول العدالة والمساءلة، تشارك فيه جميع القوى السياسية والمدنية، بهدف بلورة رؤية سورية مشتركة للعدالة الانتقالية، تضمن حقوق الضحايا، وتؤسس لمجتمع متماسك قائم على الإنصاف والمصالحة. كما ندعو المجتمع الدولي إلى دعم جهود السوريين في هذا المسار، وتوفير الدعم الفني واللوجستي اللازم لتعزيز قدرات المؤسسات القضائية والرقابية.
يجدد تيار المستقبل السوري التزامه الكامل بمبادئ العدالة الجنائية الدولية، ويؤكد أن لا سلام مستدام دون عدالة، ولا عدالة دون مساءلة، فبناء سورية الجديدة يتطلب مواجهة الماضي بشجاعة، وتأسيس مستقبل قائم على احترام الكرامة الإنسانية، وسيادة القانون، والمشاركة السياسية الفاعلة.
وفي هذا السياق، يشكل اليوم العالمي للعدالة الجنائية الدولية مناسبة لتجديد العهد مع هذه المبادئ، والانطلاق نحو مستقبل أكثر عدالة وإنصافًا لجميع السوريين.
يدعو تيار المستقبل السوري إلى انضمام الجمهورية العربية السورية إلى نظام روما الأساسي، باعتباره خطوة ضرورية نحو ترسيخ ثقافة المساءلة، وتأكيد الالتزام الوطني بمكافحة الجرائم الجسيمة، فالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية لا يمثل تهديدًا للسيادة، بل هو تعبير عن إرادة سياسية مسؤولة تسعى إلى بناء دولة تحترم القانون الدولي، وتضمن حقوق مواطنيها، وتشارك بفعالية في صياغة مستقبل أكثر عدالة واستقرارًا في المنطقة والعالم.