إن تيار المستقبل السوري وفي ضوء المستجدات التنظيمية الأخيرة المرتبطة بمقترحات تعديل الإطار القانوني لعقود الإيجار التجارية، ولا سيما الاتجاه نحو إلغاء ما يُعرف بـ "حق الفروغ"، وما نتج عنه من توتر في الأوساط التجارية، احتجاجاً على ما اعتُبر تهديداً مباشراً لاستقرار الامتيازات العقدية، فإن المكتب الاقتصادي في تيار المستقبل السوري يوضح التالي:
أولاً، الموقف المبدئي:
يؤكّد تيار المستقبل السوري على أن سياسة التعامل مع الأطر العقدية الممتدة تاريخياً، ومنها "حق الفروغ"، لا يمكن أن تُدار بمنهج الصدمة التشريعية أو القرارات غير التوافقية، لما في ذلك من أثر سلبي مباشر على الاستقرار التجاري والائتماني، ومبدأ الأمن الاقتصادي والاستثماري، وسلاسة الالتزامات العقارية والتجارية المترتبة على آلاف الوحدات النشطة في القطاع الخاص.
ثانياً، الإطار المفاهيمي:
إن "حق الفروغ" يمثل واقعاً قانونياً–اقتصادياً تراكمياً، نشأ عن بيئة تشريعية تمديدية منحازة للمستأجر، وكرّسته الأعراف والعلاقات العقدية ضمن سوق العقارات التجارية، لذا فإن إزالته أو تعديله ينبغي أن يتم ضمن مايلي:
- مقاربة تشريعية انتقالية متدرجة.
- منهجية قائمة على تحليل التكاليف والفرص (Cost-Benefit Analysis).
- تقدير القيمة الاقتصادية التراكمية لحقوق الانتفاع المكتسبة (Capitalized User Rights).
ثالثاً، المقترحات الإجرائية:
يدعو المكتب الاقتصادي لـ تيار المستقبل السوري إلى تشكيل هيئة استشارية موسّعة ذات طابع تشاركي تضم:
- مجلس الإفتاء الأعلى، لمقاربة البُعد الفقهي لمبدأ المنفعة والحقوق المكتسبة.
- قضاة متخصصين بالشأن المدني والتجاري واتحاد المحامين السوريين، لضمان دستورية الإجراءات وعدم مساسها بمبدأ استقرار التشريع والعقد.
- خبراء اقتصاد عقاري وتمويلي، لإجراء تقييم كمّي ومالي لأثر القرارات المقترحة على الناتج المحلي والكتلة النقدية في قطاع التجارة.
- غرف التجارة والصناعة، لضمان مشاركة الجهات المتضررة في صياغة البدائل.
- اللجنة القضائية في وزارة العدل، لتضمين المخرجات في إطار تشريعي متماسك ومحايد.
رابعاً، المبادئ التي يجب أن تحكم العملية:
- تدرّج التشريع وفق قاعدة التوازن الوظيفي بين أطراف العلاقة الاقتصادية.
- عدم المساس بأمن الملكية المؤجرة دون تعويض عادل أو تسوية مرحلية.
- اعتماد سياسات عقارية قائمة على التحفيز لا على الإلغاء المجتزأ.
- خلق آلية تمويل تعويضية تضمن انتقالاً عادلاً في الملكية المنفعية (Functional Property Transfer) دون الإضرار بالطرف الأضعف تعاقدياً.
إن تيار المستقبل السوري يُشدّد على أن أية معالجة لهذا الملف يجب أن تكون عقلانية، وتشاركية، ومستندة إلى الأدلة الاقتصادية والتحليل المقارن للتجارب الدولية المشابهة. ونجدد التزامنا بسياسة اقتصادية عقلانية تدعم حقوق الأفراد، وتحفظ توازن السوق، وتضمن استمرارية بيئة الأعمال دون إرهاق تشريعي أو قانوني مفاجئ.