يثمن تيار المستقبل السوري الخطوة القانونية الجريئة التي بادرت بها لجنة الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية لشؤون مجلس الوزراء، بحضور السيد معاون الأمين العام المهندس علي كدّة، في عقد اجتماع نوعي ضم نخبة من القضاة والخبراء القانونيين لمناقشة إلغاء القوانين الاستثنائية المخالفة لحقوق الإنسان، وذلك يوم الإثنين 2025/07/28.
إننا ننظر إلى هذه المبادرة كمؤشر على دخول البلاد مرحلة جديدة من التفكير المؤسسي، تتجاوز زمن التسلط والانغلاق، وتفتح الباب أمام بناء دولة الحق والمواطنة.
يرحب تيار المستقبل السوري بالتعريف الدقيق للقوانين الاستثنائية، بوصفها أدوات صيغت لدوافع سياسية بعيدة عن الصالح العام، وافتقرت إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة.
إن التشخيص الصحيح لهذه التشريعات هو حجر الأساس في مسار استعادة الشرعية القانونية، وإعادة تموضع القضاء كسلطة مستقلة لا كأداة للإخضاع والانتقام.
يدعو تيار المستقبل السوري إلى مأسسة هذا التوجه الإصلاحي عبر اعتماد إطار وطني للعدالة الانتقالية يضمن الوضوح والاتساق التشريعي، ويمنع إعادة إنتاج أدوات القمع تحت غطاء قانوني.
ونوصي بتشكيل هيئة مستقلة متعددة الاختصاصات، تضم قضاة ومحامين وحقوقيين وممثلين عن المجتمع المدني، تكون مهمتها مراجعة كامل المنظومة القانونية السورية بما ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وسيادة القانون.
يشدد تيار المستقبل السوري على أن الخطوات القانونية رغم أهميتها، لن تكون كافية ما لم تترافق مع إرادة سياسية صريحة ومعلنة للقطيعة النهائية مع البنية الاستبدادية التي شكّلت جوهر نظام الأسد، بما فيها منهجية تسييس القضاء، وتغوّل الأجهزة الأمنية، وتهميش المشاركة الشعبية في صنع القرار.
إن سورية الجديدة التي نطمح إليها لا تُبنى بتجميل الماضي، بل بخلقه من جديد على قاعدة العدالة والمساءلة والمصالحة المجتمعية.
يرى تيار المستقبل السوري أن التقرير الدوري الذي ستعده اللجنة حول مشاريع تعديل أو إلغاء القوانين يمثل فرصة تاريخية لإطلاق حوار عام شفاف حول شكل الدولة، ونمط السلطة، والقيم الدستورية التي يجب أن تحكم العلاقة بين المواطن والمؤسسة.
كما ونطالب بأن تُنشر هذه التقارير للرأي العام، وأن تخضع لنقاش مفتوح داخل المجتمع الحقوقي والسياسي، كخطوة أولى في استرداد الثقة المفقودة بين الشعب والدولة.
يؤمن تيار المستقبل السوري أن إعادة صياغة العقد الاجتماعي السوري يجب أن تستند إلى مبادئ كرامة الإنسان، وحرية التعبير، والمساءلة، والفصل بين السلطات، وضمان الحقوق الفردية والجماعية.
ولا يمكن تحقيق ذلك دون تفكيك منظومة الاستثناء القانونية التي رسّخت منطق السلطة المطلقة لعقود.
إننا في تيار المستقبل السوري نؤكد بأن العدالة لا تعني الانتقام، بل تعني بناء مستقبل لا مكان فيه للقمع والخوف والولاء القسري.
يلتزم تيار المستقبل السوري بالمضي في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتوفير المقترحات القانونية والسياسية التي تدفع بهذا المسار قدمًا، ونحن مستعدون للتعاون مع كل القوى الوطنية والمدنية والدولية الراغبة في بناء سورية حرة، تعددية، ديمقراطية، قائمة على القانون والمؤسسات لا على الولاءات والانتماءات الضيقة.