مقدمة:
يُعد الوعي الجماهيري ركيزة أساسية في مقاومة الأزمات والاضطرابات التي تهدد استقرار الدول، خاصة في ظل التدخلات الخارجية والمخططات الداخلية الرامية إلى تقويض سيادة الوطن.
وفي السياق السوري، يبرز فكر تيار المستقبل السوري كمنهج يعزز الإدراك الشعبي لمواجهة التحديات القائمة، سواء التمدد الإسرائيلي المتزايد أو محاولات إشعال الفتن الداخلية.
أولًا: مفهوم الوعي الجماهيري ودوره في مواجهة الأزمات:
الوعي الجماهيري هو إدراك الشعوب لحقيقة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقدرتهم على التفاعل معها بطرق تحفظ الأمن والاستقرار.
ويقوم هذا الوعي على عدة محاور، منها:
- الإدراك السياسي: من خلال فهم التحديات الداخلية والخارجية، وأهداف الجهات الفاعلة على الساحة.
- المناعة الفكرية: وذلك برفض الدعاية المغرضة والشائعات التي تسعى لإحداث انقسام داخلي.
- التنظيم المجتمعي: من خلال التحرك بشكل منظم عبر مؤسسات المجتمع المدني والتجمعات الوطنية.
ثانيًا: رؤية تيار المستقبل السوري في بناء الوعي الجماهيري:
يؤمن تيار المستقبل السوري بأن بناء الوعي الشعبي هو الضمان الأساسي لصد أي محاولات تهدف إلى زعزعة الأمن القومي السوري.
وتقوم رؤيتنا على:
- تعزيز الهوية الوطنية: من خلال التأكيد على وحدة الشعب السوري بجميع مكوناته، بعيدًا عن أي تجاذبات طائفية أو عرقية.
- فضح المخططات الخارجية: خاصة تلك التي تسعى إلى استغلال الأوضاع الداخلية لتكريس الهيمنة الأجنبية.
- تمكين الشباب: على اعتبارهم القوة الأكثر قدرة على التغيير الإيجابي، من خلال إشراكهم في العمل السياسي والاجتماعي.
- مقاومة التدخلات الأجنبية: خصوصًا فيما يتعلق بالتمدد الإسرائيلي ومساعيه لترسيخ وجوده في الجولان السوري المحتل ومناطق أخرى جنوبي البلاد.
ثالثًا: التحديات الراهنة في سورية وأهمية الوعي الجماهيري:
تشهد سورية في الوقت الحالي تحولات معقدة تتطلب وعياً شعبياً مكثفاً للتعامل معها، ومن أبرز تلك التحديات:
- التمدد الإسرائيلي: وذلك من خلال
- تكثيف الضربات العسكرية في الداخل السوري.
- محاولات فرض واقع جديد في الجولان المحتل.
- السعي لتوسيع دائرة النفوذ عبر تحالفات إقليمية خفية.
- محاولات إشعال الفتن الداخلية:
- استغلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لتحريض الشارع.
- تغذية الانقسامات بين المكونات السورية المختلفة.
- استهداف القوى الوطنية التي تسعى للحفاظ على وحدة سورية.
رابعًا: كيف يمكن توظيف الوعي الجماهيري لمواجهة التحديات؟
انطلاقاً من رؤية تيار المستقبل السوري، يمكن تفعيل الوعي الشعبي عبر:
- إعلام وطني هادف: يكشف الحقائق وينشر الوعي بعيدًا عن التضليل الإعلامي.
- تعزيز الحوار الوطني: لمنع أي استغلال خارجي للخلافات الداخلية.
- إشراك القوى الفاعلة: بما في ذلك الشباب والنساء في جهود حماية الوطن.
- تحفيز المقاومة الشعبية ضد المخططات الخارجية: سواء من خلال التوعية أو العمل السياسي والاجتماعي.
خاتمة:
إن الوعي الجماهيري ليس مجرد حالة فكرية أو ثقافية، بل هو سلاح حقيقي في معركة الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها.
فمع تعاظم التحديات، يصبح امتلاك الجماهير لإدراك واعٍ بحقائق الصراع أمراً مصيرياً، خاصة في ظل الاستهداف الممنهج لاستقرار البلاد. ومن هنا، يتضح الدور المحوري لتيار المستقبل السوري في تأطير هذا الوعي عبر رؤية وطنية قائمة على مواجهة المخاطر الخارجية، وتعزيز المناعة الشعبية ضد حملات التضليل والاختراق السياسي والفكري.
فالتمدد الإسرائيلي في الأراضي السورية ليس مجرد قضية سياسية، بل هو محاولة مستمرة لفرض أمر واقع جديد، تُستخدم فيها الأدوات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية لإضعاف الدور السوري في الإقليم. ولذا، فإن التصدي لهذا التمدد لا يكون فقط عبر المواجهة العسكرية، بل من خلال تفعيل الوعي الجماهيري حول خطورة التطبيع ومحاولات التغلغل الاقتصادي والسياسي.
فإسرائيل، كقوة احتلال، لا تتوقف عند الحدود التقليدية، بل تسعى لخلق بيئات غير مستقرة تستنزف الدولة وتدفعها نحو التبعية.
وهنا يبرز دور الوعي الجمعي في رفض أي محاولات لتكريس الوجود الإسرائيلي أو شرعنته تحت أي غطاء.
أما في الجبهة الداخلية، فإن السعي لإشعال الفتن وتأجيج الصراعات بين مكونات الشعب السوري يمثل خطراً موازياً للتهديد الخارجي.
فتوظيف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية كأدوات لإشعال الاضطرابات هو جزء من استراتيجيات قوى إقليمية ودولية تسعى لإضعاف سوريا من الداخل.
وهنا، فإن الوعي الجماهيري يجب أن يتجاوز ردود الفعل الآنية إلى بناء استراتيجية طويلة الأمد قوامها تعزيز الوحدة الوطنية، وتحصين المجتمع ضد الدعاية الهدامة، ودعم المشاريع السياسية والاجتماعية التي تحافظ على تماسك الدولة.
في ظل هذه التحديات، لا يمكن ترك الساحة مفتوحة أمام القوى التي تسعى لإعادة تشكيل الخريطة السورية وفقاً لمصالحها!
بل لا بد من استنهاض الوعي الشعبي ليكون قادراً على التصدي لأي مشروع يهدف إلى تفكيك الدولة أو إخضاعها لهيمنة خارجية.
إن تيار المستقبل السوري يدرك أن مواجهة هذه التحديات لا تقتصر على النخب السياسية وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب انخراط جميع فئات المجتمع في معركة الوعي، سواء من خلال الإعلام الوطني، أو عبر الحوارات المجتمعية، أو بدعم المبادرات التي تعزز الاستقلالية السياسية والاقتصادية لسورية.
إن بناء مستقبل سورية لا يكون إلا بوعي جماهيري قادر على تمييز الحقيقة من التزييف، ومحصن ضد مشاريع الفوضى والتقسيم.
فالرهان اليوم ليس فقط على القوة العسكرية أو التحالفات السياسية، بل على وعي شعب يدرك حقوقه، ويدافع عن وطنه، ويرفض أي وصاية خارجية تسعى لرسم مستقبله بعيداً عن إرادته.