الاقتصاديون، دورٌ وأهميّة

استهلال:

الاقتصاديون هم الخبراء المتخصصون في دراسة وتحليل الأنظمة الاقتصادية، وكيفية توزيع الموارد واستخدامها داخل المجتمعات. يقومون بفحص النشاطات التجارية، والتجارة، والسياسات الحكومية، والعوامل التي تؤثر على النمو الاقتصادي والتضخم والبطالة، بهدف فهم كيفية عمل الاقتصاد وتحقيق الاستقرار والنمو المستدام.
وبسبب التطور العلمي البشري، أصبح هناك تخصص علمي للاقتصاديين يعرف بعلم الاقتصاد، حيث يمكن معه للطلاب دراسة هذا المجال في الجامعات والكليات والحصول على درجات البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه في الاقتصاد.

يشمل هذا التخصص العديد من الفروع مثل:

  1. الاقتصاد الكلي، وهو دراسة الاقتصاد على المستوى الوطني أو الدولي، بما في ذلك النمو الاقتصادي، والتضخم، والبطالة، والسياسات النقدية والمالية.
  2. الاقتصاد الجزئي، وهو دراسة السلوك الاقتصادي للأفراد والشركات والأسواق، وكيفية تحديد الأسعار وتوزيع الموارد.
  3. الاقتصاد التطبيقي، وهو استخدام النظريات الاقتصادية لتحليل القضايا الحقيقية وتقديم الحلول.
  4. الاقتصاد الدولي، بمعنى دراسة التبادلات التجارية والاستثمار بين الدول.
  5. الاقتصاد البيئي، وهو دراسة تأثير النشاطات الاقتصادية على البيئة وكيفية تحقيق التنمية المستدامة.

هذا والاقتصاديون يمكن أن يكونوا مؤثرين جداً في الدولة من خلال:

  1. تحليل السياسات، عبر تقديم تحليلات وتوصيات حول السياسات الحكومية المتعلقة بالضرائب، الإنفاق، التجارة، والعمالة.
  2. التخطيط الاقتصادي، من خلال العمل في الوزارات والمؤسسات الحكومية لتطوير الخطط الاقتصادية الوطنية والاستراتيجيات الطويلة الأمد.
  3. الأبحاث والدراسات، عبر نشر الأبحاث الأكاديمية والتقارير التي تؤثر على صنع القرارات الاقتصادية والسياسات العامة.
  4. تقديم الاستشارات للحكومات والشركات حول القرارات الاقتصادية والاستثمارية.
  5. التعليم والتوعية، عبر تعليم الطلاب والجمهور حول المفاهيم الاقتصادية وأهمية الاستدامة الاقتصادية.

ولانترك مقام الاستهلال دون ذكر اقتصاديين مشهورين أثروا بشكل كبير في الفكر الاقتصادي والسياسات الحكومية مثل "آدم سميث"، و"جون ماينارد كينز"، و"ميلتون فريدمان". على أمل بروز اقتصاديين سوريين ينجحون بنقل البلاد من حالة التدهور إلى النهوض.

دور وفاعلية:

من خلال ما سبق، يظهر أن للاقتصاديين دور محوري في تطوير اقتصاد الدولة من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة والتحليلات التي تساهم في تحسين الأداء الاقتصادي وتوجيه السياسات الاقتصادية، ونرى أن أهم هذه الأدوار الرئيسية التي يلعبها الاقتصاديون في تطوير الاقتصاد:

  1. التحليل الاقتصادي: حيث يقوم الاقتصاديون بتحليل البيانات الاقتصادية لفهم التوجهات والأنماط الاقتصادية، إذ يساعد التحليل الاقتصادي في تحديد المشاكل الاقتصادية والفرص المتاحة، مما يمكن صناع القرار من اتخاذ قرارات مستنيرة.
  2. وضع السياسات الاقتصادية: يعمل الاقتصاديون على صياغة السياسات الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار المالي. حيث تساهم السياسات الجيدة في تعزيز النمو الاقتصادي، تقليل البطالة، والسيطرة على التضخم.
  3. التخطيط الاقتصادي: يشارك الاقتصاديون في تطوير الخطط الاقتصادية الوطنية والإقليمية، حيث يساعد التخطيط الاقتصادي على تنسيق الجهود لتحقيق التنمية المستدامة وتوزيع الموارد بشكل فعال.
  4. الاستشارات الاقتصادية: يقدم الاقتصاديون الاستشارات للحكومات والشركات والمؤسسات حول القضايا الاقتصادية، إذ يمكن أن تساعد هذه الاستشارات الاقتصادية في تحسين أداء الشركات وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الأكثر ربحية.
  5. التعليم والتوعية: يقوم الاقتصاديون بتعليم وتوعية الأفراد حول المفاهيم الاقتصادية وأهمية الإدارة المالية السليمة، مما يزيد من وعي الجمهور حول القضايا الاقتصادية ويساهم في بناء مجتمع أكثر قدرة على اتخاذ قرارات مالية واقتصادية جيدة.
  6. الأبحاث والدراسات: يجرى الاقتصاديون الأبحاث والدراسات لتحليل القضايا الاقتصادية المعقدة واقتراح الحلول، حيث تساهم هذه الأبحاث في تطوير النظريات الاقتصادية وتقديم حلول عملية للمشاكل الاقتصادية.
  7. التقييم والمتابعة: يقوم الاقتصاديون بتقييم فعالية السياسات الاقتصادية ومتابعة تنفيذها، مما يساعد في تحسين السياسات المستقبلية وضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة.

إذا، يُعتبر الاقتصاديون جزءًا أساسيًا من عملية التنمية الاقتصادية في الدولة، من خلال التحليل، والتخطيط، والتوجيه، والتعليم، يمكنهم المساهمة في تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي، مما ينعكس إيجابًا على مستوى الرفاهية الاقتصادية للمواطنين.
وأما عن دور الاقتصاديين في سورية، فيمكن الزعم أنه دور حاسم في تطوير وتحسين الاقتصاد في سورية، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد، لهذا فإننا نرى أن أهم هذه الأدوار الرئيسية للاقتصاديين في سورية تعود إلى تحليل وتقييم السياسات الاقتصادية وتقييم تأثيرها على الاقتصاد الوطني، إضافة إلى وضع خطط التنمية الاقتصادية وتحديد أولويات الاستثمار، عدا عن تقديم استشارات وتحليلات تدعم صناع القرار في الحكومة السورية الجديدة، مما يساهم في اتخاذ قرارات مستنيرة قائمة على البيانات والأدلة.

ولعل أهم دور للاقتصاديين السوريين يعود إلى قدرتهم على تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية. وتطوير سياسات وبرامج تهدف إلى تقليل الفقر والبطالة، مما يساهم في تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل للشباب والعاطلين عن العمل.

ولكل ما سبق، تظهر أهمية الاقتصاديين السوريين في مرحلة ما بعد التحرير من خلال ما يأتي:

  1. إعادة الإعمار: يعتبر دور الاقتصاديين حاسمًا في وضع استراتيجيات إعادة إعمار البنية التحتية والاقتصاد.
  2. تحقيق الاستقرار: يساعد تحليل السياسات الاقتصادية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بعد الأزمة.
  3. تحقيق التنمية المستدامة: يساهم التخطيط الاقتصادي في تحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد قوي ومتنوع.

ويمكن القول أن الاقتصاديين هم مفتاح النجاح في تطوير اقتصاد سورية وتحقيق الاستقرار والتنمية.
ومن خلال تحليل البيانات، وتقديم الاستشارات، وتطوير السياسات الاقتصادية، يمكنهم الإسهام بشكل كبير في بناء مستقبل مشرق ومستدام للبلاد.

تحديات وحلول:

يواجه الاقتصاديون عموماً مجموعة من التحديات المعقدة التي تتطلب حلولاً مبتكرة وتحليلًا دقيقًا، ومن أبرز هذه التحديات:

  1. التقلبات الاقتصادية العالمية، مثل الأزمات المالية والتغيرات في أسعار النفط والسلع.
  2. التكنولوجيا والابتكار، بمعنى آخر: التطور التكنولوجي السريع، والذي يشكل تحديًا في مواكبة الابتكارات والتغيرات في سوق العمل، لهذا على الاقتصاديين أن يعملوا على تحليل تأثير التكنولوجيا على الاقتصاد وتوجيه السياسات لتحقيق فوائدها.
  3. التغيرات الديموغرافية، مثل الشيخوخة وانخفاض معدلات الولادة التي تؤثر على النمو الاقتصادي، حيث يتطلب ذلك تطوير استراتيجيات لمعالجة تأثيرات هذه التغيرات على القوى العاملة والاقتصاد.
  4. التحديات البيئية، مثل التغير المناخي والتلوث البيئي التي تتطلب تقديم حلول مستدامة.
  5. عدم المساواة والفقر، تشكل تحديًا كبيرًا للعدالة الاجتماعية والتنمية، مما يوجب على الاقتصاديين أن يعملوا على تطوير سياسات تعزز العدالة الاقتصادية وتقلل من الفقر.

هذا بالعموم، ولكن بالخصوص، نجد هناك تحديات أمام الاقتصاديين السوريين ربما تكون تحديات فريدة، مما تتطلب جهودًا مضاعفة للتغلب عليها، خاصة بعد سنوات من الصراع والتدهور الاقتصادي، ومن أبرز هذه التحديات التي نراها:

  1. إعادة الإعمار، فتدمير البنية التحتية يتطلب وضع خطط شاملة لإعادة إعمار المدن والمرافق.
  2. التعامل مع العقوبات الاقتصادية، إذ تُشكل تحديًا كبيرًا للحصول على التمويل والاستثمارات مما يجب على الاقتصاديين السوريين تطوير حلول للتغلب على تأثيرات العقوبات وتحسين العلاقات الاقتصادية الدولية.
  3. تعزيز بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات ودعم القطاع الخاص.
  4. التعامل مع النزوح واللاجئين سواء النزوح الداخلي أو الخارجي، حيث يشكلان تحديًا كبيرًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
  5. يظهر لدينا حيوية دور الاقتصاديين في مواجهة التحديات الاقتصادية وتقديم الحلول لتحقيق الاستقرار والنمو.

وبالنسبة لسورية تزداد أهمية الاقتصاديين في وضع استراتيجيات لإعادة الإعمار، والتعامل مع العقوبات، وتعزيز بيئة الأعمال، وتحقيق التنمية المستدامة، مثل تعزيز الاستقرار السياسي وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية من خلال توفير بيئة تشريعية مستقرة وشفافة، ويمكن أيضًا تقديم الدعم المالي والتشجيعي للشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة لتحسين البيئة التشريعية لتحقيق الاستقرار والشفافية، مما يجعل سورية مجذبة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، والعمل على بناء علاقات تعاونية مع الدول الأجنبية والمنظمات الدولية للحصول على الدعم المالي والتقني.

سلبيات وخطورة:

لابد هناك بعض السلبيات المحتملة التي يمكن أن تواجه الدور الإيجابي للاقتصاديين، وبعض هذه السلبيات:

  1. تأثير الانحياز الشخصي، فقد يتأثر الاقتصاديون بانحيازاتهم الشخصية أو السياسية، مما يؤدي إلى توجيه السياسات الاقتصادية بشكل غير موضوعي، حيث يمكن تجنب هذا من خلال تعزيز الشفافية والأخلاقيات المهنية، واعتماد مقاربات تعتمد على الأدلة والبيانات.
  2. التركيز على الأهداف القصيرة الأجل على حساب الأهداف الطويلة الأجل، مما يوجب تعزيز التخطيط الاستراتيجي والنظر في تأثير السياسات على المدى الطويل لتحقيق التنمية المستدامة.
  3. التحديات في التنبؤات الاقتصادية بسبب التغيرات غير المتوقعة في الأسواق والعوامل الخارجية، لهذا يجب على الاقتصاديين تحديث نماذجهم بشكل دوري واستخدام مجموعة متنوعة من السيناريوهات لتحليل البيانات.
  4. تأثير الضغوط السياسية لتقديم توصيات تتماشى مع مصالح الحكومات أو الجهات الفاعلة.
  5. نقص التواصل الفعال بين الاقتصاديين والجمهور، مما يؤدي إلى سوء فهم السياسات الاقتصادية، على أنه يمكن تحسين التواصل من خلال تبسيط اللغة الاقتصادية وتقديم الشروحات المبسطة للجمهور.
  6. تأثير العولمة يمكن أن تزيد من تعقيد التحديات الاقتصادية وتفاقم الفجوات الاقتصادية بين الدول.

إن تجنب السلبيات يتطلب تعزيز الشفافية، الاستقلالية، التخطيط الاستراتيجي، وتحسين التواصل مع الجمهور.

ومن خلال التركيز على هذه الجوانب فإننا نرى أنه يمكن للاقتصاديين أن يسهموا بشكل فعال في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي.

خاتمة:

لقد حملنا في تيار المستقبل السوري مسؤولية تمكين الدور الإيجابي للاقتصاديين في سورية لتحقيق النهوض الاقتصادي والتغلب على التدهور الاقتصادي، ولهذا فإننا نعمل على تحقيق مجموعة من الإجراءات الشاملة والاستراتيجيات المتكاملة.

كما نوصي ببعض الخطوات للمساهمة بهذا التمكين والتي أهمها:

  1. تعزيز التعليم والتدريب، عبر توفير برامج تعليمية وتدريبية متقدمة لطلاب الاقتصاد والمختصين في المجالات الاقتصادية، مما يساعد على تطوير المهارات والمعرفة اللازمة للاقتصاديين للتعامل مع التحديات الاقتصادية المعقدة وتقديم حلول مبتكرة.
  2. دعم البحث العلمي وتمويل الأبحاث الاقتصادية التي تدرس القضايا الاقتصادية الراهنة وتقديم حلول قائمة على الأدلة، ويساهم هذا برأينا في توفير قاعدة معرفية قوية يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ القرارات الاقتصادية وتحقيق التنمية المستدامة.
  3. تعزيز التعاون الدولي مع المؤسسات الاقتصادية الدولية والجامعات الرائدة للاستفادة من الخبرات والمعرفة العالمية مما يدعم النهوض الاقتصادي.
    إنشاء مراكز أبحاث اقتصادية متخصصة في تحليل وتقييم السياسات الاقتصادية وتقديم الاستشارات للحكومة والشركات، مما يعزز تقديم رؤى تحليلية شاملة ودقيقة تساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة.
  4. تعزيز الشفافية والمساءلة والمساءلة في العمل الاقتصادي والسياسات الحكومية لضمان تنفيذ السياسات بشكل صحيح وفعال.
  5. تشجيع الابتكار وريادة الأعمال عبر تقديم الدعم المالي والتقني للشركات الناشئة ورواد الأعمال لتعزيز الابتكار والتكنولوجيا في الاقتصاد السوري، مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
  6. تحسين بيئة الأعمال التشريعية والتنظيمية لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتعزيز النمو الاقتصادي.
  7. تطوير استراتيجيات إعادة الإعمار البنية التحتية والقطاعات الحيوية المتضررة من الصراع، مما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي واستعادة الحياة الطبيعية في المناطق المتضررة.

أخيراً، يمكن القول أن تمكين الدور الإيجابي للاقتصاديين في سورية ضرورة حاضرة ومستقبلية لسورية، لتحقيق النهوض الاقتصادي وإنهاء عصر التدهور الاقتصادي في سورية، والذي بات الغاية الأهم بعد تحرير سورية من الاستبداد.

مكتب الرئاسة
د. زاهر بعدراني
مقال
تيار المستقبل السوري

شاركها على:

اقرأ أيضا

أخبار يوم الجمعة20-06-2025

أخبار التيار: أخبار داخلية: أخبار ذات صلة: أخبار دولية:

20 يونيو 2025

Media Office

حول اليوم العالمي للاجئين

تيار المستقبل السوري يُرحب باليوم العالمي للاجئين الذي يُحييه العالم في مثل هذا اليوم، 20 حزيران/يونيو من كل عام، ليُكرم

20 يونيو 2025

Media Office