أوراق التيارالمكتب التنظيمي

تيار المستقبل السوري والتعددية

عانت سوريّة من مرضٍ عضال عبر عقود، تمثّل في فرض سياسة الحزب القائد للدولة والمجتمع، ولعل كونه الحزب القائد للدولة يعدُّ مصيبةً، ولكنّ أم المصائب تكمن في كونه القائد الأوحد للمجتمع وحسب!!
حزبٌ ذو ثقافةٍ أحادية الجانب، لا تقبل القسمة، ولا تؤمن بالتباينات السياسية.
ثم من مضاعفات ذاك المرض ومفرزاته، ما كان من تخلفٍ واستبدادٍ وفسادٍ، أوهنَ الصفّ الوطني وفتّته.
ومن العجيب أن ذاك المرض لم تعد حاضنته حكراً على منظومة الحزب الواحد ومن يدور في فلكه فحسب! بل يبدو أنه استشرى ليصبح طريقة تفكيرٍ سوريّة، استغرقت العقلية السورية كاملها، حتى بات أقرب للعقيدة المجتمعية، منه لجائحةٍ عابرة!

تيار المستقبل السوري يرى الحل في العمل على تغيير تلك العقلية بالذات، والتي باتت متجذرة في نخاع البنية السورية! بلوغاً لإصلاح واقعنا الحالي، وتحصين مستقبلنا، حيث “يرى المؤسسون أن التغيير والإصلاح هدفان متلازمان من أجل هدف التقدم في الأمور الوطنية كلها، وأن ذلك لا يكون على يد حزب أو تجمعٍ أو تيارٍ أو جماعةٍ أو مجلس بمفرده، وإنما على يد مجموع القوى الوطنية من خلال التعاون، والتكامل، والتكافؤ، والتنافس الشريف، دون إقصاءٍ، أو استبعاد، أو فوقيةٍ، أو غلبةٍ، أو قهر فكري أو مادي أو معنوي.

تيار المستقبل السوري يؤمن بحالة التعددية التي هي نتاجُ المجتمع السوري على مرّ الدهور، وعصارة تجاربه الاجتماعية، وتطور سلوكه الإنساني، ونضوج تغييره الحضاري، ورافدٌ من روافد تقدمه السليم، وأن هناك تبايناً حاداً في المواقف والأفكار المختلفة، لكنه يبقى غريباً عن نسيج سورية، فالنزعة الإقصائية لا منتصر حقيقي فيها، والخسارة مشتركة.

تيار المستقبل السوري يؤمن بضرورة بذل المزيد من محاولات شقّ أخاديد في تربة الوطن الجافة اليوم، ورسم شبكةٍ بين أبناءه، فينعم الجميع بخيراته، ويتمتعوا بخبراته، ويستفيدوا من طاقاته، إن أحسنّا التشبيك بينها، وكان مصبّها لمصلحة الوطن وخدمة المواطن.

تيار المستقبل السوري يؤمن بواجب احترام التعددية أنّى كانت، ونبذ الفكر الأحادي الرافض للتباين والاختلاف، والداعي لصبغ الجميع بلونٍ واحدٍ!

تيار المستقبل السوري يعتبر حالة التنوع والتعددية، دليلَ ثراءٍ ثقافيٍّ، وجذراً حضارياً للشعب السوري، وأنه ليس قالباً جامداً كما يصوره البعض، ولكن حالة تجديد دائم، تعبّر عن الأصالة والمعاصرة واستشراف المستقبل في آنٍ معاً.

تيار المستقبل السوري يرى أن العقلية الأحادية، وعدم تقبل التباين والاختلاف، شكّل الحالة الصفرية الحالية بالعلاقات الوطنية بين السوريين! ومردّ ذلك زعمُ كلّ طرفٍ احتكاره الحقيقة! مستعيناً بما في يديه من مقدرات الوطن ومفاصل السلطة، الأمرُ الذي جرّ سورية لصراعٍ لا أفق لنهايته.

تيار المستقبل السوري يرى أنّ الاتفاق على أهدافَ محدّدةٍ ننطلق منها، ربما يشكّل ضابط الإيقاع الوطني الذي من شأنه جمع تباينهم، وتوحيد شعثهم، بلوغاً لطاولةِ حوارٍ لا شجارٍ، مستديرةٍ تضمّ الجميع دونما إقصاء، وتجمع شتات السوريين دونما تفويض، وترفض منهج التخوين المقيت، وتشكّل حولها اصطفافاً وطنياً حقيقياً، نحو حلٍّ سوريٍّ داخليّ على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وليكون الوطن المنتصرَ وحده.

تيار المستقبل السوري, يرى أنّه لا بديل عن تعاون مجموع القوى الوطنية، وأنّ الاستمرار بحالة الأحادية والفردانية، معناه بقاء واستمرار نظام الأسد، وسقوط الجميع، وإلى الأبد، وهنا تكمن خطورة الحالة السياسية السورية في جوهرها! فكما يُقال: لا أرضاً قطعنا، ولا ظهراً أبقينا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى